وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها – عنترة بن شداد
وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها ويطعنُ عند الكرَّ كلَّ طعان
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد العبسي هو شاعر وفارس عربي من شعراء الجاهلية. ولد في نجد في شبه الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي. يُعدُّ عنترة من أشهر فرسان العرب، وقد امتاز بقوة بدنية وشجاعة نادرة، مما جعله رمزًا للفروسية والشجاعة في التراث العربي. كان والد عنترة سيدًا من سادات عبس، بينما كانت أمه أمة حبشية، وهذا ما جعله يعاني من التمييز في شبابه. استطاع عنترة أن يثبت جدارته وقيمته كمقاتل وشاعر، ليصبح واحدًا من أشهر شعراء العصر الجاهلي.
قصة القصيدة:
تُعدُّ قصيدة “وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها” من رثائيات عنترة بن شداد، حيث يرثي فيها أحد أصدقائه أو أقاربه الذين كانوا يشاطرونه الحروب والمغامرات. يعبِّر عنترة في هذه الأبيات عن حزنه العميق لفقدان رفيقه، الذي كان يعتمد عليه في المعارك، ويصف كيف أثر هذا الفقدان على نفسه وعلى قلبه. تتجلى في القصيدة مشاعر الحزن والأسى والشجاعة، حيث يبرز فيها إحساسه بالفراغ بعد فقدان هذا الرفيق العزيز.
موضوع القصيدة:
تتمحور القصيدة حول مشاعر الحزن والألم التي يعيشها عنترة بعد فقدان رفيقه الشجاع في المعركة. يعبر عنترة عن الفقدان الكبير الذي يشعر به، وكيف أثر هذا الحدث عليه وعلى حياته. كما يشير إلى الشجاعة والبسالة التي كان يتحلى بها رفيقه، ويتمنى لو أنه كان هو الذي قتل بدلًا منه.
وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها
ويطعنُ عند الكرَّ كلَّ طعان
به كنتُ أسطو حينما جدَّت العِدا
غداة اللقا نحوي بكل يماني
فقد هدَّ ركني فقده ومصابهُ
واخلَّى فؤادي دائمَ الخفقان
فوا أسفا كيف انثنى عن جواده
وماكان سيفي عندهُ وسناني
رماهُ بسهم الموتِ رامٍ مصمَّمٌ
فياليتهُ لما رماهُ رماني
فسوف ترى إن كنت بعدك باقياً
وأمكنني دهر وطول زمان
وأقسمُ حقاً لو بقيت لنظرة ٍ
لقرت بها عيناك حين تراني
تحليل القصيدة:
في الأبيات الأولى، يصف عنترة رفيقه الشجاع الذي كان يحميه في المعارك ويدافع عنه بكل شجاعة. يستخدم عنترة كلمات مثل “يحمي ذمارها” و”يطعن عند الكرَّ كلَّ طعان” ليصف البسالة والقوة التي كان يتمتع بها رفيقه في المعركة.
ثم ينتقل عنترة إلى التعبير عن تأثير هذا الفقدان عليه، مشيرًا إلى أن فقدان رفيقه “هدَّ ركنه” وجعل قلبه في حالة دائمة من الخفقان والحزن. يُبرز عنترة مشاعر الأسى والألم التي يمر بها بسبب هذا الفقدان.
في الأبيات الختامية، يتمنى عنترة لو أنه كان هو المستهدف بسهم الموت بدلًا من رفيقه، مما يعكس مدى حبه وارتباطه بهذا الرفيق. ويختتم الأبيات بالتأكيد على أنه إذا بقي على قيد الحياة، فإنه سيبقى وفياً لذكرى رفيقه وسيحاول أن يواصل طريق الشجاعة والبسالة التي كانا يسلكانها معًا.
اللغة والصور الشعرية:
استخدم عنترة لغة قوية ومؤثرة في هذه القصيدة، تعكس المشاعر العميقة التي يحملها لفقدان رفيقه. تظهر في الأبيات صور شعرية قوية مثل “يحمي ذمارها” و”يطعن عند الكرَّ كلَّ طعان” و”رماهُ بسهم الموتِ رامٍ مصمَّمٌ”، والتي تعكس الشجاعة والبسالة وكذلك الحزن والألم.
الخاتمة:
تعكس هذه القصيدة جانبًا إنسانيًا من حياة عنترة بن شداد، الشاعر والفارس الشجاع، الذي عرف بالشجاعة والقوة ولكنه لم يخلُ من مشاعر الحزن والأسى لفقدان أحبائه. تعتبر هذه الأبيات مثالًا رائعًا على الشعر العربي الجاهلي، الذي يجمع بين القوة العاطفية والجمال اللغوي.