قفا يا خليلي الغداة وسلما – عنترة بن شداد
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما وعُوجا فإن لم تَفْعلا اليوْم تَنْدما
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد هو أحد أشهر فرسان وشعراء العرب في العصر الجاهلي. وُلد عنترة في نجد وسط الجزيرة العربية، وكان من بني عبس، وهو ابن شداد بن عمرو من زعماء القبيلة. تميز بشجاعته وقوته الجسمانية الفائقة، فضلاً عن براعته في الشعر الذي كان يعكس تجاربه في الحب والحرب. كان عنترة عاشقًا لعبلة، ابنة عمه، والتي كانت ملهمته في الكثير من قصائده.
قصة القصيدة:
قصيدة “قفا يا خليليَّ الغداةَ وسلما” هي واحدة من أشهر قصائد عنترة بن شداد، وتعتبر جزءًا من المعلقات، وهي القصائد السبع أو العشر الشهيرة التي علقت على جدران الكعبة في الجاهلية. في هذه القصيدة، يتغنى عنترة بأمجاد قبيلته ويعبر عن فخره بانتصاراتهم وشجاعتهم في المعارك.
موضوع القصيدة:
القصيدة تدور حول عدة مواضيع رئيسية:
- الوقوف على الأطلال: يبدأ عنترة القصيدة بالوقوف على أطلال ديار محبوبته والتأمل فيها، وهي عادة شائعة في الشعر الجاهلي.
- الفخر بالقبيلة: يتحدث عنترة عن أمجاد قبيلته بني عبس، مشيرًا إلى قوتهم وشجاعتهم في الحروب.
- الحرب والشجاعة: يصف عنترة المعارك التي خاضها، ويعبر عن براعته في القتال وقدرته على تحقيق النصر.
- السلاح: يصف أسلحته، مثل السيف والرمح، ويبرز قوتها في المعارك.
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما
وعُوجا فإن لم تَفْعلا اليوْم تَنْدما
على طللٍ لو أنهُ كان قبلهُ
تَكلَّمَ رَسْمٌ دارسٌ لَتَكَلَّما
أيا عزَّنا لا عزَّ في الناس مثله
على عهْدِ ذي القرْنين لن يتَهدَّما
إذا خطرتْ عبسٌ ورائي بالقنا
علَوْتُ بها بيتاً مِنَ المجدِ مُعْلما
تراهُمْ يَعدُّون العناجيجَ والقنا
طوال الهوادي فوقَ وردٍ وأدهما
إذا ما ابتدرنا النَّهب من بعد غارة ٍ
أثرنا غباراً بالسَّنابكِ أقتما
ألاّ ربَّ يومٍ قد أنخنا بدراهم
أقيمُ بهمْ سيفي ورُمحي المقومَّا
وما هزَّ قومٌ راية ً للقائنا
من النَّاسِ إلاّ دراهمْ ملئتْ دما
وإنَّا أبَدْنا جمَعَهُمْ برماحِنا
وإنا ضَربْنا كَبْشَهُمْ فتحطَّما
بكلّ رقيق الشَّفرتينِ مهنَّدٍ
حُسامٍ إذا لاقى الضَّريبة َ صمَمَّا
يُفلِّقُ هامَ الدَّارعينَ ذُبابُهُ
ويَفْري مِنَ الأَبطالِ كفّاً ومِعصَما
تحليل القصيدة:
قصيدة عنترة بن شداد التي تبدأ ببيت “قفا يا خليليَّ الغداةَ وسلما” تُعد من القصائد التي تعكس جوانب متعددة من الحياة في العصر الجاهلي، وتجسد بشكل خاص تجربة الشاعر الشخصية ونظرته للحياة والحب والحرب. يمكن تحليل القصيدة بشكل عام من خلال المحاور التالية:
1- الوقوف على الأطلال:
تبدأ القصيدة بالدعوة إلى الوقوف على الأطلال، وهو تقليد شعري في الأدب الجاهلي، حيث يعبر الشاعر عن حزنه وحنينه إلى الماضي والمكان الذي كان شاهدًا على لقاءاته بمحبوبته. هذا الوقوف يرمز إلى التأمل في الزمن والتغيرات التي شهدها المكان والأشخاص.
2- الفخر والاعتزاز:
يظهر في القصيدة عنصر الفخر والاعتزاز بالنفس وبالقبيلة. يعبر عنترة عن شجاعته وبسالته في المعارك، ويفخر بأمجاد قبيلته بني عبس. يشير إلى قوة القبيلة واستمرارية مجدها عبر الزمن، مما يعكس أهمية النسب والمكانة القبلية في المجتمع الجاهلي.
3- الشجاعة والحرب:
تتطرق القصيدة إلى وصف المعارك والحروب، وهو موضوع شائع في شعر عنترة. يتحدث عن الفروسية والشجاعة ويصف بأسلوب تصويري رائع تفاصيل الغارات والمعارك التي خاضها، مما يعكس روح المحارب والقيم التي كانت سائدة في تلك الحقبة مثل الشجاعة والكرامة.
4- السلاح والقتال:
تتضمن القصيدة وصفًا دقيقًا للأسلحة المستخدمة في المعارك، مثل السيف والرمح، وكيفية استخدامها بمهارة في القتال. هذا الوصف يعزز صورة الشاعر كفارس محنك ومقاتل بارع، مما يضيف إلى عنصر الفخر والاعتزاز الشخصي.
5- الحب والمشاعر:
على الرغم من الطابع الحربي للقصيدة، إلا أنها لا تخلو من الإشارات إلى الحب والمشاعر. يشير عنترة إلى محبوبته ويعبر عن حنينه وولعه بها، مما يعكس الجانب الإنساني والعاطفي للشاعر، ويضيف بُعدًا من التوازن بين الحب والحرب في حياته.
الخلاصة:
القصيدة تعكس تداخل عدة موضوعات رئيسية: التأمل في الماضي، الفخر بالنفس والقبيلة، الشجاعة في القتال، واستخدام السلاح بمهارة، بالإضافة إلى الجانب العاطفي المتمثل في الحب والحنين. هذه العناصر مجتمعة تجعل القصيدة مثالًا غنيًا ومعبرًا عن الأدب الجاهلي وعن شخصية عنترة بن شداد الفريدة التي تجمع بين الشاعر العاشق والمحارب الشجاع.