يا عبل أين من المنية مهربي – عنترة بن شداد

تعريف الشاعر “عنترة بن شداد”:

عنترة بن شداد (525 م – 608 م) هو أحد أشهر شعراء العرب في العصر الجاهلي، وُلد في نجد. كان من عبيد والده شداد، حيث كانت أمه زبيبة حبشية، لكنه عُرف بشجاعته وبطولاته في الحروب، مما أكسبه مكانة رفيعة بين قومه. يُعد عنترة رمزاً للشجاعة والفروسية، كما اشتهر بحبه لابنة عمه عبلة، والتي تغنى بها في شعره. تُعد معلقته من أبرز القصائد في الشعر العربي الجاهلي.

قصة القصيدة:

قصيدة “يا عبل أين من المنية مهربي” لعنترة بن شداد تتحدث عن شجاعته في القتال ومعاركه البطولية. يصف فيها مواجهاته مع الأعداء وكيف أنه لا يهرب من الموت إذا كان مقدراً من الله. يتحدث عن معاركه الشرسة التي يخوضها بفرسه وأسلحته، وكيف يواجه الأعداء بشجاعة. كما يصف في نهاية القصيدة حبه لعبلة وكيف أنه وفيٌ لها.

يا عبل أين من المنية مهربي – عنترة بن شداد

يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي
إن كانَ ربي في السَّماءِ قَضاها
وكتَيبة ٍ لبَّستُها بكَتيبة ٍ
شهْباءَ باسِلة ٍ يُخافُ ردَاها
خرساءَ ظاهرة ِ الأداة ِ كأنها
نارٌ يُشَبُّ وَقُودها بلَظاها
فيها الكماة ُ بنو الكماة ِ كأنهمْ
والخيلُ تعثرُ في الوَغى بقناها
شهبُ بأيدي القابسين إذا بدتْ
بأكفهمْ بهرَ الظَّلام سناها
صُبُرٌ أعدُّوا كلَّ أجْردَ سابحٍ
ونجيبة ٍ ذبلتْ وخفَّ حشاها
يعدون بالمستلئمين عوابساً
قُواداً تَشكَّى أينها ووَجاها
يحْمِلْنَ فِتْياناً مَداعِسَ بالقَنا
وقراً إذا ما الحربُ خفَّ لواها
مِنْ كلِّ أروعَ ماجدٍ ذي صَوْلة ٍ
مَرسٍ إذا لحقَتْ خُصى ً بكُلاها
وصحابة ٍ شُمِّ الأُنوفِ بعَثْتُهمْ
ليلاً وقد مال الكرى بطلاها
وسريتُ في وعثِ الظَّلامِ أقودها
حتى رأيتُ الشمس زالَ ضحاها
ولقيتُ في قبل الهجيرِ كتيبة َ
فطعنتُ أوَّلَ فارسٍ أولاها
وضربتُ قرني كبشها فتجدَّلا
وحملتُ مهري وسطها فمضاها
حتى رأيتُ الخيلَ بعد سوادها
حمرَ الجلودِ خضبنَ منْ جرحاها
يعثُرنَ في نَقْع النجيع جَوافِلاً
ويطأنَ من حمْي الوَغى صَرْعاها
فرجعتُ محموداً برأسِ عظيمها
وتركتها جزَراً لمنْ ناواها
ما اسْتَمْتُ أُنثى نفسَها في موْطنٍ
حتى أُوَفّي مَهرها مَوْلاها
ولما رزأْتُ أخا حِفاظٍ سِلْعَة ً
إلاّ له عندي بها مِثْلاها
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي
حتى يُواري جارتي مأْواها
إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقة ِ ماجدٌ
لا أتبعُ النفسَ اللَّجوجَ هواها
ولئنْ سأَلْتَ بذاكَ عبلة َ خَبَّرَتْ
أن لا أريدُ من النساءِ سواها
وأُجيبُها إمَّا دَعتْ لِعَظيمة ٍ
وأعينها وأكفُّ عَّما ساها

تحليل القصيدة:

1. الموضوع الرئيسي:
   • القصيدة تعكس شجاعة عنترة في الحروب وشجاعته الفائقة. كما تبرز ولاءه لعشيرته وحبه لعبلة.
2. الأسلوب:
   • استخدم عنترة في هذه القصيدة أسلوباً قوياً وصوراً شعرية مليئة بالحيوية والواقعية. يصف فيها المعارك بشكل تفصيلي، ويستخدم الألفاظ التي تدل على الشجاعة والقوة.
3. الصور البلاغية:
   • استخدم عنترة العديد من الصور البلاغية مثل التشبيه والاستعارة. على سبيل المثال:
     • “كتَيبة ٍ لبَّستُها بكَتيبة ٍ” يشبه المعركة بلبس الدرع.
     • “نارٌ يُشَبُّ وَقُودها بلَظاها” يشبه المعركة بالنار المشتعلة.
4. القيم والمفاهيم:
   • تعكس القصيدة قيم الفروسية والشجاعة والوفاء، سواء في القتال أو في الحب. يُظهر عنترة تفانيه في القتال وعدم هروبه من الموت، ووفاءه لعبلة وعدم رغبته في النساء غيرها.
5. العاطفة:
   • تحمل القصيدة عاطفة قوية من الشجاعة والتحدي، وكذلك الحب والوفاء لعبلة.

محتوى القصيدة:

1. مقدمة:
   • يبدأ عنترة بالسؤال عن مكان هروبه من الموت إذا كان مقدراً من الله، مما يعكس إيمانه بالقضاء والقدر.
2. وصف المعارك:
   • يصف عنترة كيفية مواجهته للأعداء، واستخدامه للأسلحة والخيول في المعركة.
   • يذكر الكتيبة التي شارك فيها وكيف كان يتقدم في القتال بلا خوف.
3. النتائج:
   • يتحدث عن النصر الذي حققه وكيف عاد برأس قائد العدو.
4. الإخلاص:
   • يختتم القصيدة بالتأكيد على إخلاصه لعبلة، وأنه لا يريد من النساء سواها، وأنه يستجيب لها في كل ما تطلبه.

الخلاصة:

قصيدة عنترة بن شداد هذه هي تعبير عن روح الفروسية والشجاعة في الجاهلية، حيث يتجلى فيها شجاعة المحارب وولاء العاشق. تعد القصيدة نموذجاً للأدب الجاهلي الذي يمزج بين الشجاعة والحب والولاء، ويعكس قيم المجتمع الجاهلي وأخلاقياته.