الأعشى

معلقة الأعشى كاملة.. ودّعْ هريرةَ إنْ الركبَ مرتحلُ وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ

غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

“ودّعْ هريرةَ إنْ الركبَ مرتحلُ”، معلقة الأعشى هي قصيدة معلقة من قصائد الأعشى، وهي إحدى المعلقات العشر التي تعتبر من أهم الأعمال الشعرية في الأدب العربي القديم. تمَّت كتابتها على البحر البسيط، وتتألف من 66 بيتًا، وتعتبر هذه القصيدة من أبرز الأعمال الشعرية التي تعبر عن مختلف جوانب الحياة والعواطف الإنسانية بأسلوب شعري متميز.

كان الأعشى شاعرًا مميزًا وغزيرًا في شعره، وكان يتلقى الوفود من العرب والفرس، مما أدى إلى وجود كثير من الألفاظ الفارسية في شعره. وقد أعجب الكثيرون بشعره واعتبروه أحد أعلام الجاهلية، وقد وضعه بعض النقاد في الطبقة الأولى من فحول الشعراء الجاهليين.

تميز شعر الأعشى باللون القصصي الحماسي، حيث كان يسجل أحداث عصره ويعبر عن المشاعر الإنسانية وعلاقات الحب والصداقة. واشتهر بالمديح والغزل، وكان له تأثير كبير في زمانه. كما يُعتبر أول من تكسب بشعره، وكانت له أثر كبير في مجتمعه، حتى قيل إنه ما مدح أحدًا في الجاهلية إلا رفعه.

من أبرز قصائده معلقة الأعشى التي تتميز بفيض من الصور والتشابيه، والتي تناولت مواضيع متعددة مثل الحب والصداقة والحروب والمجتمع. تُعتبر هذه المعلقة من أشهر قصائد الجاهلية، وقد اشتهرت بواقعيتها وبلاغتها في تركيز الصورة والحكمة معًا.

قصيدة ودع هريرة كاملة – الأعشى (ودّعْ هريرةَ إنْ الركبَ مرتحلُ)

ودّعْ هريرةَ إنْ الركبَ مرتحلُ

وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ

غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها

تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا

مرّ السّحابةِ لَا ريثٌ ولا عجلُ

تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ

كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها

ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ

يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا

إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ

إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة ً فَتَرَتْ

وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ

مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَةٌ

إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ

صدّتْ هريرةُ عنّا ما تكلّمنا

جهلاً بأمّ خليدٍ حبلَ من تصلُ

أَأَنْ رَأَتْ رَجُــلاً أَعْـــشَــى أَضَـرَّ بِــهِ

رَيـبُ المَـنُـونِ، وَدَهْـرٌ مـفْـنِـدٌ خَـبِــلُ

نِعمَ الضَّجِـيعُ غَـداةَ الدَّجـنِ يَصرَعهَـا

لِلّذّةِ المَرْءُ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ

هركولةٌ فنقٌ درمٌ مرافقها

كأنّ أخمصنها بالشّوكِ منتعلُ

إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَة

والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل

ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبةٌ

خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ

يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ

مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ

يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة

ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ

علّقتها عرضاً وعلقتْ رجلاً

غَيرِي وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ

وَعُلّقَتْهُ فَتَاةٌ مَا يُحَاوِلُهَ

مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ

وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني

فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ

فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ

نَاءٍ وَدَانٍ وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ

قالتْ هريرةُ لمّا جئتُ زائرها

وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ

يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ

كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ

لهُ ردافٌ وجوزٌ مفأمٌ عملٌ

منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متّصل

لمْ يلهني اللّهوُع نهُ حينَ أرقبهُ

وَلا اللّذاذَةُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ

فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا

شِيموا وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّملُ

بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ

وَبِالخَبِيّةِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ

بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ

وَبِالخَبِيّةِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ

قالُوا نِمَارٌ فبَطنُ الخالِ جَادَهُما

فالعَسْجَدِيّةُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ

فَالسّفْحُ يَجرِي فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ

حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ فالجبلُ

حتى تحمّلَ منهُ الماءَ تكلفة ً

رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينةِ السّهِلُ

يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَباً

زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ

وبلدة ٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة

للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ

لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا

إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ

جاوزتها بطليحٍ جسرة ٍ سرحٍ

في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل

إمّا تَرَيْنَا حُفَاة ً لا نِعَالَ لَنَا

إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ

فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ

وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ

وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني

وقدْ يصاحبني ذو الشَّرةِ الغزلُ

وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني

شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ

في فِتيَة ٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا

أنْ لَيسَ يَدفعُ عن ذي الحيلةِ الحِيَلُ

نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً

وقهوة ً مزّة ً راووقها خضلُُ

لا يستفيقونَ منها، وهيَ راهنةٌ

إلاّ بِهَاتِ وَإنْ عَلّوا وَإنْ نَهِلُوا

يسعى بها ذو زجاجاتٍ لهُ نطفٌ

مُقَلِّصٌ أسفَلَ السّرْبالِ مُعتَمِلُ

وَمُستَجيبٍ تَخالُ الصَنجَ يَسمَعُهُ

إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ

منْ كلّ ذلكَ يومٌ قدْ لهوتُ به

وَفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَلُ

والسّاحباتُ ذيولَ الخزّ آونة ً

والرّافلاتُ على أعجازها العجلُ

أبْلِغْ يَزِيدَ بَني شَيْبانَ مَألُكَة ً

أبَا ثُبَيْتٍ أمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ

ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أثلَتِنَا

وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أطّتِ الإبِلُ

تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ

عِندَ اللّقاءِ فتُرْدي ثمّ تَعتَزِلُ

لأعرفنّكَ إنْ جدّ النّفيرُ بنا

وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّوَّافِ وَاحتَمَلوا

كناطحٍ صخرة يوماً ليفلقها

فلمْ يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ

لأعرفنّكَ إنْ جدّتْ عداوتنا

والتمسَ النّصر منكم عوضُ تحتملُ

تلزمُ أرماحَ ذي الجدّينِ سورتنا

عنْدَ اللّقاءِ، فتُرْدِيِهِمْ وَتَعْتَزِلُ

لا تقعدنّ، وقدْ أكلتها حطباً

تعوذُ منْ شرّها يوماً وتبتهلُ

قد كانَ في أهلِ كَهفٍ إنْ هُمُ قعدوا

وَالجاشِرِيّةِ مَنْ يَسْعَى وَيَنتَضِلُ

سائلْ بني أسدٍ عنّا، فقد علموا

أنْ سَوْفَ يأتيكَ من أنبائِنا شَكَلُ

وَاسْألْ قُشَيراً وَعَبْدَ الله كُلَّهُمُ

وَاسْألْ رَبيعَةَ عَنّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ

إنّا نُقَاتِلُهُمْ ثُمّتَ نَقْتُلُهُمْ

عِندَ اللقاءِ وَهمْ جارُوا وَهم جهلوا

كلاّ زعمتمْ بأنا لا نقاتلكمْ

إنّا لأمْثَالِكُمْ يا قوْمَنا، قُتُلُ

حتى يَظَلّ عَمِيدُ القَوْمِ مُتّكِئاً

يَدْفَعُ بالرّاحِ عَنْهُ نِسوَةٌ عُجُلُ

أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ، فَأقْصَدَهُ

أو ذابلٌ منْ رماحِ الخطّ معتدلُ

قَدْ نَطْعنُ العَيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ

وقدْ يشيطُ على أرماحنا البطلُ

هَلْ تَنْتَهون وَلا يَنهَى ذوِي شَططٍ

كالطّعنِ يذهبُ فيهِ الزّيتُ والفتلُ

إني لَعَمْرُ الذي خَطّتْ مَنَاسِمُها

لهُ وسيقَ إليهِ الباقرِ الغيلُ

لئنْ قتلتمْ عميداً لمْ يكنْ صدداً

لنقتلنْ مثلهُ منكمْ فنمتثلُ

لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبّ مَعرَكَة

لمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ

نحنُ الفوارسُ يومَ الحنو ضاحية ً

جنبيْ فطينةَ لا ميلٌ ولا عزلُ

قالوا الرُّكوبَ فَقُلنا تلْكَ عادَتُنا

أوْ تنزلونَ فإنّا معشرٌ نزلُ

ودع هريرة ان الركب مرتحل

شرح قصيدة الأعشي ودع هريرة

معلقة الأعشى هي قصيدة جميلة تتحدث عن الحب والفراق، وقد صاغها الشاعر بأسلوب متقن وصور فنية مبدعة. سأقدم لك شرحًا لبعض أجزاء القصيدة:

  1. “وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ غَرّاءُ فَرعاءُ”
    في هذا البيت، يدعو الشاعر هريرة للوداع لأن الركب مستعد للرحيل. يعبر الشاعر عن حزنه وأسفه لرحيل هريرة، ويتساءل إذا كان بإمكان الرجل تحمل وداعها.
  2. “مَصقولٌ عَوارِضُها تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ”
    يصف الشاعر هريرة بأنها ناعمة الملمس وتمشي برشاقة وسهولة مثل الوجي الذي لا يحمل أي أحمال على ظهره.
  3. “كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ”
    يصف الشاعر مشي هريرة بأنه كالغيمة تمر براحة وهدوء، كما لو كانت تمشي في مكانها المألوف دون عجلة أو استعجال.
  4. “تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ”
    يصف الشاعر كيفية تأثير حركة هريرة على الحلي التي ترتعش بين يديها عندما تتحرك، مثلما يُفعل الريح النديّة عندما تمر بأوراق الأشجار.
  5. “أيقصد الشاعر بذلك أنه عندما تتقلب حبيبته في الفراش فإنّ أصوات الحلي تخشخش بين يديها كأنّه صوت الريح لمّا يدخل بين أوراق شجرة العشرق، وهي المرأة التي تؤتمن على السر والتي يحبها مَن حولها، المخدومة في منزلها التي لا تتكلف أعمالًا يفعلها النساء عادة.”
    يصف الشاعر كيفية تأثير حركة هريرة على الحلي التي ترتعش بين يديها عندما تتحرك، مثلما يُفعل الريح النديّة عندما تمر بأوراق الأشجار. هنا يبرز دور المرأة في الحفاظ على الأسرار وفي خدمة منزلها دون أن تتكلف أعمالًا تقوم بها النساء عادة.

هذه بعض الشروحات لأجزاء من قصيدة الأعشى، والتي تعبر عن مشاعر الحب والفراق بأسلوب شعري متقن ومميز.

Osama Esmail

مبرمج وباحث في مجال السوشيال ميديا، أقوم بعمل محتوى حصري خاص في مجال السوشيال ميديا، أعمل لدى مضمون دوت كوم وعدة مواقع أخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل ِAdBlock Please disable AdBlock to get download links