النابغة الذُّبياني

معلقة النابغة الذبياني – يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

معلقة النابغة الذبياني هي واحدة من المعلقات العشر التي يعتبرها العرب من بين أعظم القصائد الجاهلية. يبلغ عدد أبيات هذه المعلقة 50 بيتًا، وهي معروفة بتفردها وتميزها في التعبير والفصاحة.

النابغة الذبياني، أو زياد بن معاوية بن ضباب، كان شاعراً عربياً جاهلياً، يعتبر من أبرز شعراء عصره وأحد أعمدة الشعر الجاهلي. حصل على لقب “النابغة” نسبةً لإبداعه وتميزه في الشعر، حيث كان يبرع في التصوير والوصف بأسلوب مميز.

لا توجد الكثير من المعلومات الدقيقة عن حياة النابغة الذبياني، ولكنه كان يعيش في جوف الصحراء العربية وكان جزءًا من الثقافة البدوية في ذلك الوقت. تاريخ وفاته ومكانها غير معروفين بدقة.

معلقة النابغة الذبياني تتميز بالغنى في اللغة والتعبير، وتحتوي على مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الحب، والشجاعة، والطبيعة، والمجد العربي. تعتبر هذه المعلقة من الأعمال الأدبية التي تبرز فن الشعر الجاهلي وتعكس عمق الثقافة العربية في تلك الفترة التاريخية.

كلمات معلقة يا دارَ مَيَّةَ بالعَليْاءِ فالسَّنَدِ (النابغة الذُّبياني).

 

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ

أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها

عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها

وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ

رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ

ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ

خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ

وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ

أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا

أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ

فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ

وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ

مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها

لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ

كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا

يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ

مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ

طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ

سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ

تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ

فَاِرتاعَ مِن صَوتِ كَلّابٍ فَباتَ لَهُ

طَوعَ الشَوامِتِ مِن خَوفٍ وَمِن صَرَدِ

فَبَثَّهُنَّ عَلَيهِ وَاِستَمَرَّ بِهِ

صُمعُ الكُعوبِ بَريئاتٌ مِنَ الحَرَدِ

وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ

طَعنَ المُعارِكِ عِندَ المُحجَرِ النَجُدِ

شَكَّ الفَريصَةَ بِالمِدرى فَأَنقَذَها

طَعنَ المُبَيطِرِ إِذ يَشفي مِنَ العَضَدِ

كَأَنَّهُ خارِجاً مِن جَنبِ صَفحَتِهِ

سَفّودُ شَربٍ نَسوهُ عِندَ مُفتَأَدِ

فَظَلَّ يَعجُمُ أَعلى الرَوقِ مُنقَبِضاً

في حالِكِ اللَونِ صَدقٍ غَيرِ ذي أَوَدِ

لَمّا رَأى واشِقٌ إِقعاصَ صاحِبِهِ

وَلا سَبيلَ إِلى عَقلٍ وَلا قَوَدِ

قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً

وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ

فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ

فَضلاً عَلى الناسِ في الأَدنى وَفي البَعَدِ

وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ

وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ

إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ

قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ

وخيّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم

يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ

فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ

كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ

وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً

تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ

إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ

سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ

أَعطى لِفارِهَةٍ حُلوٍ تَوابِعُها

مِنَ المَواهِبِ لا تُعطى عَلى نَكَدِ

الواهِبُ المِئَةَ المَعكاءَ زَيَّنَها

سَعدانُ توضِحَ في أَوبارِها اللِبَدِ

وَالأُدمَ قَد خُيِّسَت فُتلاً مَرافِقُها

مَشدودَةً بِرِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ

وَالراكِضاتِ ذُيولَ الرَيطِ فانَقَها

بَردُ الهَواجِرِ كَالغِزلانِ بِالجَرَدِ

وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها

كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ

اِحكُم كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ إِذ نَظَرَت

إِلى حَمامِ شِراعٍ وارِدِ الثَمَدِ

يَحُفُّهُ جانِبا نيقٍ وَتُتبِعُهُ

مِثلَ الزُجاجَةِ لَم تُكحَل مِنَ الرَمَدِ

قالَت أَلا لَيتَما هَذا الحَمامُ لَنا

إِلى حَمامَتِنا وَنِصفُهُ فَقَدِ

فَحَسَّبوهُ فَأَلفَوهُ كَما حَسَبَت

تِسعاً وَتِسعينَ لَم تَنقُص وَلَم تَزِدِ

فَكَمَّلَت مِئَةً فيها حَمامَتُها

وَأَسرَعَت حِسبَةً في ذَلِكَ العَدَدِ

فَلا لَعَمرُ الَّذي مَسَّحتُ كَعبَتَهُ

وَما هُريقَ عَلى الأَنصابِ مِن جَسَدِ

وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرِ تَمسَحُها

رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَعَدِ

ما قُلتُ مِن سَيِّئٍ مِمّا أَتَيتَ بِهِ

إِذاً فَلا رَفَعَت سَوطي إِلَيَّ يَدي

إِلّا مَقالَةَ أَقوامٍ شَقيتُ بِها

كانَت مَقالَتُهُم قَرعاً عَلى الكَبِدِ

إِذاً فَعاقَبَني رَبّي مُعاقَبَةً

قَرَّت بِها عَينُ مَن يَأتيكَ بِالفَنَدِ

أُنبِئتُ أَنَّ أَبا قابوسَ أَوعَدَني

وَلا قَرارَ عَلى زَأرٍ مِنَ الأَسَدِ

مَهلاً فِداءٌ لَكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ

وَما أُثَمَّرُ مِن مالٍ وَمِن وَلَدِ

لا تَقذِفَنّي بِرُكنٍ لا كِفاءَ لَهُ

وَإِن تَأَثَّفَكَ الأَعداءُ بِالرِفَدِ

فَما الفُراتُ إِذا هَبَّ الرِياحُ لَهُ

تَرمي أَواذِيُّهُ العِبرَينِ بِالزَبَدِ

يَمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُترَعٍ لَجِبٍ

فيهِ رِكامٌ مِنَ اليَنبوتِ وَالخَضَدِ

يَظَلُ مِن خَوفِهِ المَلّاحُ مُعتَصِماً

بِالخَيزُرانَةِ بَعدَ الأَينِ وَالنَجَدِ

يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ سَيبَ نافِلَةٍ

وَلا يَحولُ عَطاءُ اليَومِ دونَ غَدِ

هَذا الثَناءُ فَإِن تَسمَع بِهِ حَسَناً

فَلَم أُعَرِّض أَبَيتَ اللَعنَ بِالصَفَدِ

ها إِنَّ ذي عِذرَةٌ إِلّا تَكُن نَفَعَت

فَإِنَّ صاحِبَها مُشارِكُ النَكَدِ

شرح معلقة النابغة الذبياني يا دار مية

قصيدة “يا دار مية بالعلياء” تحمل عدة أفكار رئيسية تظهر من خلال مضمونها وصورها الشعرية. ومن أبرز هذه الأفكار:

  1. الوقوف على الأطلال وتذكر الأحباب: يظهر الشاعر في القصيدة رغبته في الوقوف على الأطلال وتذكر الأحباب الذين رحلوا، ويرى الآثار والدمن بعد رحيلهم.
  2. وصف الديار والدمن والآثار بعد رحيل أهلها: يتناول الشاعر وصف الديار والمكان بعد رحيل سكانها، ويصف الدمن والآثار التي تحمل ذكريات الأيام الجميلة التي عاشها أهلها.
  3. وصف الناقة وقوتها وشدتها وتشبيهها بالثور الوحشي: يقدم الشاعر صورة للناقة وقوتها وشدتها، ويقارنها بالثور الوحشي في شدة قوتها وحيويتها.
  4. وصف الصراع الذي يدور ما بين الكلاب والثور: يصوّر الشاعر الصراع الذي يحدث بين الكلاب والثور، مما يعكس صورة للصراع الطبيعي بين الحيوانات في البرية.
  5. تبرئة الشاعر نفسه ممّا اتهم به ظلمًا وزورًا وبهتانًا: يختم الشاعر القصيدة بتبرئة لنفسه من الاتهامات الباطلة التي وُجهت له، مؤكدًا براءته منها.

بالإضافة إلى ذلك، تحتوي القصيدة على صور فنية مميزة تسهم في إثراء مضمونها وتجعلها تتميز بجمالية لغوية وشعرية، مما يعزز جاذبيتها وقوة تأثيرها على القارئ.

 

Osama Esmail

مبرمج وباحث في مجال السوشيال ميديا، أقوم بعمل محتوى حصري خاص في مجال السوشيال ميديا، أعمل لدى مضمون دوت كوم وعدة مواقع أخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل ِAdBlock Please disable AdBlock to get download links