ظعن الذين فراقهم أتوقع – عنترة بن شداد
ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ وجرى بينهُمُ الغُرابُ الأَبْقعُ
تعريف الشاعر:
عنترة بن شداد العبسي هو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي وفارس من فرسان العرب. وُلد في نجد بالمملكة العربية السعودية في قبيلة بني عبس. اشتهر بشعره الملحمي، الذي يمزج بين البطولة والفروسية والحب. قصائده تعتبر من أبرز ما كتب في المعلقات، كما أنها تعكس شخصيته القوية وشجاعته، فضلاً عن حبه العميق لعبلة، ابنة عمه.
قصة القصيدة:
قصيدة “ظعن الذين فراقهم أتوقع” تُعتبر واحدة من القصائد التي تعكس مشاعر الحزن والألم الذي يعاني منه عنترة بسبب الفراق والحنين. يظهر فيها تأمل عنترة في واقعه ومصيره، واستعداده لمواجهة الموت بشجاعة. كما تتجلى فيها قوة التحمل والصبر على البلاء، مع التأكيد على الكبرياء والإباء الذي عرف به.
ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ
وجرى بينهُمُ الغُرابُ الأَبْقعُ
خرقُ الجناح كأنَّ لحيي رأسه
جَلَمَانُ بالأَخْبار هَشٌّ مُولعُ
فَزَجرتهُ ألاَّ يُفرِّخَ عُشَّهُ
أبداً ويصبحَ واحداً يتفجعَ
كمدلة ٍ عجزاءَ تلحمُ ناهضاً
في الوكْر مَوْقِعُها الشَّظاءُ الأَرفعُ
إنَّ الذينَ نعيْتَ لي بفِراقهمْ
قد أسْهرُوا لَيْلي التّمامَ فأَوْجعوا
ومغيرة ٍ شعواءَ ذاتِ أشلة ٍ
فيها الفوارسُ حاسرٌ ومقنعُ
فَزَجرْتُها عنْ نِسْوة ٍ منْ عامر
أفخاذهنَ كأنهنَّ الخروعُ
وعرفتُ أنَّ منيتي إن تأتني
لا يُنْجني منْها الفرارُ الأَسْرَعُ
فصبرتُ عارفة ً لذلكَ حرَّة ً
ترسو إذا نفسُ الجبانِ تطلع
مضمون القصيدة:
القصيدة تتحدث عن عدة مواضيع، منها:
- الفراق: يبدأ عنترة بالحديث عن الفراق الذي يتوقعه ويمثله بصورة الغراب الأبقع، وهو رمز الشؤم في الثقافة العربية.
- الحزن والأسى: يُعبّر عنترة عن الألم الذي يشعر به بسبب هذا الفراق، حيث يصوّر نفسه كشخص حزين وكئيب.
- الفروسية والمعارك: يستعرض عنترة جانباً من حياته الفروسية، حيث يتحدث عن المغامرات والمعارك التي خاضها.
- التأمل في الموت: يواجه عنترة فكرة الموت بشجاعة، معترفًا بأن المصير المحتوم لا يمكن الفرار منه.
تحليل القصيدة:
في هذه القصيدة، يجمع عنترة بين الألم الشخصي والشعور بالفراق وبين الفخر والاعتزاز بالنفس. يبدأ بتصوير الفراق الذي يتوقعه، مما يعكس حزنًا عميقًا. استخدامه لصورة الغراب الأبقع هو تعبير رمزي عن الشؤم والحزن. ثم ينتقل إلى الحديث عن معارك وذكرياته في مواقف الفروسية، مما يعكس جوانب من شخصيته القوية والشجاعة.
يتأمل في الموت ويعترف بأن الهروب منه ليس ممكنًا، ولكنه رغم ذلك لا يتراجع ولا يظهر أي علامة على الخوف. يظهر صبره وقوة تحمله في مواجهة المصاعب، مما يعكس قيم العرب في الجاهلية من شجاعة وصبر وكبرياء.
القصيدة تعكس جانبًا من حياة عنترة المليئة بالصعوبات والتحديات، لكنها في نفس الوقت تعكس روحه القوية وقدرته على التحمل والمثابرة.