تعنفني زبيبة في الملام – عنترة بن شداد
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ على الإقدام في يومِ الزّحام
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد هو أحد أشهر شعراء العرب في العصر الجاهلي، وُلد في نجد وكان يُعرف بشجاعته وفروسيته. هو ابن عبس، ويعتبر رمزًا للكرم والشجاعة. ارتبطت حياته بالأساطير، حيث وُصِف بأنه فارس لا يُهزم، وذو ملامح جذابة. عُرف بمحبته لامرأة تُدعى عبلة، وكانت قصائده تفيض بالمشاعر والتعبيرات عن الفخر والحب والفخر بالقبيلة.
قصة القصيدة:
تُعبر قصيدة “تعنفني زبيبة في الملام” عن الصراع الداخلي الذي يعيشه الشاعر بين طموحاته في المجد والشرف ورغبة والدته في حمايته من المخاطر. في القصيدة، يتحدث عن زبيبة، وهي والدته التي تعاتبه على مغامراته في الحروب، خشيةً عليه من الموت. القصيدة تعكس الهموم الإنسانية المتعلقة بالشجاعة والموت والشرف، وتُظهر التحدي الذي يواجهه الشاعر بين الالتزام العائلي والطموحات الشخصية.
موضوع القصيدة:
تتناول القصيدة موضوعات الشجاعة والفخر، حيث يُعبر الشاعر عن اعتزازه بكرامته ورغبته في المجد، مُؤكدًا أنه لا يقبل بالضعف أو الذل. كما تُظهر أيضًا العلاقة بين الشاعر وأمه، مما يُضفي بُعدًا إنسانيًا على النص. في النهاية، تعكس القصيدة روح التحدي والمقاومة، وتُعتبر من أبرز الأعمال التي تُظهر شخصية عنترة بن شداد كفارس وشاعر.
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ
على الإقدام في يومِ الزّحام
تخافُ عليَّ أن ألقى حمامي
بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
مقالٌ ليسَ يَقْبَلُهُ كِرامٌ
ولا يرضى به غيرُ اللّئام
يخوضُ الشَّيْخُ في بَحْر المنايا
ويرْجعُ سالماً والبَحْرُ طامِ
ويأْتي الموْتُ طِفلاً في مُهودٍ
ويلقى حتفهُ قبلَ الفطام
فلا ترْضى بمنقَصَة ٍ وَذُلٍّ
وتقنعْ بالقليل منَ الحطام
فَعيْشُكَ تحْتَ ظلّ العزّ يوْماً
ولا تحت المذلَّة ِ ألفَ عام
تحليل القصيدة:
تُعتبر قصيدة عنترة بن شداد من أبرز قصائده التي تعكس فلسفته في الحياة، وتسلط الضوء على القيم الإنسانية التي كان يؤمن بها. إليك تحليلًا شاملًا للقصيدة:
1. البنية العامة:
تتكون القصيدة من مجموعة من الأبيات التي تحمل طابع العتاب، حيث يتحدث الشاعر إلى والدته (زبيبة) ويعبر عن مشاعره تجاه المخاطر التي يواجهها كفارس. تتسم الأبيات بالبلاغة وقوة التعبير، مما يعكس موهبة الشاعر في صياغة الأفكار والمشاعر.
2. الموضوعات الرئيسية:
- الصراع الداخلي: يُظهر الشاعر الصراع بين واجباته تجاه عائلته ورغبته في تحقيق المجد والشجاعة. يعبّر عن القلق الذي تشعر به والدته حيال مغامراته، مما يعكس جوانب إنسانية في شخصيته.
- الشجاعة والفخر: يؤكد الشاعر على أهمية الشجاعة والفخر، ويرفض التراجع أو الاستسلام للذل. يُظهر ذلك من خلال التأكيد على أن العيش تحت ظل العز ليوم واحد أفضل من العيش في الذل لألف عام.
3. الأسلوب واللغة:
- الأسلوب البلاغي: يستخدم الشاعر أساليب بلاغية مثل الاستعارات والتشبيهات. مثلاً، عندما يتحدث عن الموت كطفل، يُظهر رؤيته العميقة عن القدر والمصير.
- اللغة الشعرية: تتميز اللغة بجمالها وعمقها، حيث يستعمل الشاعر ألفاظًا قوية تعكس معاني الفخر والشجاعة. الأبيات تُظهر توازنًا بين العاطفة العقلانية والشعور الفطري بالمغامرة.
4. الشخصيات:
- عنترة: يُظهر الشاعر نفسه كفارس شجاع، ويمثل صورة الفارس المثالي الذي يسعى للمجد. يعبر عن قوة شخصيته من خلال رفضه للذل.
- زبيبة: تُجسد والدته التي تُعبر عن القلق والخوف عليه، مما يضيف بُعدًا إنسانيًا ويُظهر التوتر بين الواجبات العائلية والطموحات الشخصية.
5. الرمزية:
- البحر: يُستخدم كرمز للخطر والموت، حيث يعبّر الشاعر عن الخطر الذي يواجهه في الحروب.
- الطفل: يأتي كرمز للضعف، حيث يُظهر كيف أن الموت يمكن أن يأتي في أي وقت، مما يعكس القلق الوجودي.
6. القيمة الفنية:
تُظهر القصيدة قيمة فنية عالية في تصوير المشاعر الإنسانية والمواقف الشجاعة. تعكس فلسفة الشاعر العميقة وتُبرز الصراع بين القيم التقليدية والرغبات الشخصية، مما يجعلها عملًا شعريًا خالدًا في الأدب العربي.
الخاتمة:
قصيدة عنترة بن شداد تمثل أكثر من مجرد تعبير عن الشجاعة؛ إنها تتناول جوانب الحياة الإنسانية، وتعكس التوتر بين الواجبات والعواطف. تُظهر كيف يمكن للفخر والشجاعة أن يتجسدوا في كلمتين، مما يجعل القصيدة نموذجًا حيًا لشعر الفروسية في العصر الجاهلي.