سأضمر وجدي في فؤادي وأكتم – عنترة بن شداد
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد بن قراد العبسي هو شاعر وفارس عربي عاش في العصر الجاهلي، واشتهر بشعره الفروسي والشجاع. ولد عنترة لأب عربي وأم حبشية، مما جعله يواجه تمييزاً عنصرياً في مجتمعه. برز عنترة بفضل شجاعته في المعارك وبراعته في الشعر، حيث اعتبر واحداً من أعظم شعراء العرب في الجاهلية. كان عاشقاً لعبلة، ابنة عمه مالك، التي ألهمت العديد من قصائده.
قصة القصيدة:
تدور قصة قصيدة “سأضمر وجدي في فؤادي وأكتم” حول حب عنترة الشديد لعبلة ومشاعره الجياشة تجاهها. يعبر عنترة في هذه القصيدة عن حبه العميق والمتواصل لعبلة رغم الصعاب التي يواجهها. يصف عنترة معاناته النفسية والجسدية بسبب بعده عن محبوبته والصعوبات التي تحول دون قربه منها، خاصةً بسبب العواذل والحروب المستعرة.
موضوع القصيدة:
تتحدث القصيدة عن الحب العذري وعن مشاعر الحزن والشوق والألم التي يعيشها الشاعر نتيجة بعده عن محبوبته. كما تعكس القصيدة موضوعات الفخر بالذات والتحمل والصبر على المحن.
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم
وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالهُ
وألزمُ منه ذلَّ من ليسَ يرحمْ
وأرجو التداني منكِ يا ابنة مالكٍ
ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ
فمني بطيفِ من خيالكِ واسألي
إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ
ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي
فما لي بعْدَ الهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ
ألم تسمعي نوحَ الحمائمٍ في الدجى
فمنْ بعض أشجاني ونوحي تعلّموا
ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ
سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ
وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ
على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ
وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا
كما أدَّعي أني بعبلة َ مُغْرَمُ
وإنْ نامَ جفني كانَ نومي علالة ً
أقولُ لعلَّ الطَّيف يأتي يسلّم
أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما
غدَا طائرٌ في أيكَة ٍ يترَنَّمُ
بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني
صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم
تحليل القصيدة:
- التعبير عن الحب والشوق:
- “سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم”: يشير الشاعر إلى محاولته إخفاء مشاعره العميقة وحبه الكبير لعبلة.
- “وأرجو التداني منكِ يا ابنة مالكٍ”: يعبر عن أمله في الاقتراب من عبلة رغم الحواجز والعوائق.
- الألم والمعاناة:
- “ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي”: يشير الشاعر إلى استعداده لتحمل الألم والجرح بسبب الحب.
- “ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ”: يصف عنترة حالته المزرية والمتدهورة نتيجة الفراق.
- الصبر والتحمل:
- “بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم”: يعبر الشاعر عن قدرته على تحمل الألم والصبر رغم المعاناة.
- استدعاء الطبيعة لتصوير المشاعر:
- “ألم تسمعي نوحَ الحمائمٍ في الدجى”: يستخدم الشاعر صورة الحمائم الحزينة لتصوير حزنه وألمه.
- “أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما غدَا طائرٌ في أيكَة ٍ يترَنَّمُ”: يعبر عن شوقه للأماكن التي شهدت حبه وذكرياته.
- الفخر والشجاعة:
- “صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم”: يفتخر عنترة بشجاعته وقدرته على التحمل والصمود في وجه الصعاب.
الخاتمة:
تُعَدُّ قصيدة عنترة بن شداد هذه نموذجاً رائعاً للشعر الجاهلي الذي يجمع بين الفروسية والحب العذري. يُبرز عنترة من خلال هذه الأبيات معاناته وصبره وشجاعته، ويجسد مشاعره العميقة تجاه عبلة، مما يجعل القصيدة تعبيراً صادقاً ومؤثراً عن الحب والعذاب والفخر بالذات.