وفوارس لي قد علمتهم – عنترة بن شداد
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم صُبُرٍ على التَّكرارِ والكلْمِ
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد العبسي هو شاعر وفارس عربي عاش في فترة ما قبل الإسلام. وُلد في نجد في القرن السادس الميلادي، واشتهر بشعره الحماسي والغزلي. تميز عنترة بشجاعته وقوته في القتال، حيث كان فارسًا مغوارًا لا يُهزم في المعارك. وعلى الرغم من أنه كان ابنًا لعبد، إلا أن شجاعته ومهارته في القتال جعلت قومه يعترفون به ويحترمونه. عرف عنترة أيضًا بحبه الشديد لعبلة بنت مالك، والتي كانت موضوع الكثير من قصائده.
قصة القصيدة وموضوعها:
قصيدة “وفوارس لي قد علمتهم” هي واحدة من قصائد عنترة التي تبرز شجاعته وبطولاته في المعارك. تعكس القصيدة روح الفروسية والشجاعة التي كانت تميز عنترة وقومه. يتحدث الشاعر في هذه الأبيات عن فرسانه الشجعان الذين يعرفون بالصبر والشجاعة في وجه التحديات والجروح. يصف الشاعر هؤلاء الفرسان بأنهم يسيرون بعتادهم العسكري الثقيل وكأنهم يشعلون الفحم بلمعانهم وقوتهم.
ثم يتحدث عن رفيقه الوفي والشجاع الذي يشبه بريق الريم في جماله ووضوحه. ويقارن بين قومه الفرسان الشجعان وبين أقوام أخرى ذوي وجوه سوداء تعكس الجبن والخيانة. يصف عنترة كيف كان هو ورفاقه يهاجمون الأعداء بجرأة واختيارهم بين القتل أو الغنيمة. وفي النهاية، يؤكد عنترة شجاعتهم وجرأتهم في مواجهة الغدر والخيانة، مشبهًا سيوفهم الحادة التي تخترق الأعداء بوضوح وفعالية.
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم
صُبُرٍ على التَّكرارِ والكلْمِ
يمشونَ والماذيُّ فوْقهُمُ
يتوَقّدُونَ توَقُّدَ الفَحْمِ
كم منْ فتى ً فيهم اخي ثقة ٍ
حُرٍّ أَغرَّ كَغُرَّة ِ الرِّئّمِ
ليْسُوا كأَقوامٍ عِلِمْتُهُمْ
سودِ الوجوه كمغذنِ البرم
كنا إذا نفر المطيُّ بنا
وبدَا لنا أحواضُ ذي الرّضم
نُعْدِي فنَطْعُنُ في أُنُوفِهِمْ
نختارُ بين القتلِ والغُنْمِ
إنَّا كذلك يا سُهَيَّ إذا
غدرَ الحليفُ نمورُ بالخطم
وبكلّ مُرهَفَة ٍ لها نَفَذٌ
بين الضلوع كطرَّة الفدْم
تحليل القصيدة:
تتسم هذه القصيدة بطابع حماسي وفروسي يعكس قيم الشجاعة والقوة والولاء بين الفرسان. يستخدم عنترة لغة قوية وصورًا بلاغية تعبر عن بطولاته وبطولات رفاقه في المعارك.
- اللغة والأسلوب: تتميز القصيدة بلغة قوية ومؤثرة، تبرز شجاعة الفرسان وصبرهم في مواجهة الأعداء. يستخدم عنترة الأساليب البلاغية مثل التشبيه والاستعارة ليعبر عن بطولاته وبطولات رفاقه.
- الموضوع: يعكس موضوع القصيدة روح الفروسية والشجاعة التي كانت تميز عنترة وقومه. تتناول القصيدة مشاهد من المعارك والتحديات التي واجهها عنترة ورفاقه، مع التركيز على قيم الولاء والصداقة والشجاعة.
- الصور البلاغية: يستخدم الشاعر صورًا بلاغية متعددة لتصوير الشجاعة والقوة، مثل تشبيه الفرسان بالفحم المتقد، وتشبيه رفيقه بالبريق الواضح، وتشبيه السيوف الحادة بالخيوط القاطعة.
في المجمل، تعتبر هذه القصيدة نموذجًا للشعر الحماسي الذي يعكس روح الفروسية والشجاعة في فترة ما قبل الإسلام، وتبرز مكانة عنترة بن شداد كشاعر وفارس لا يُضاهى في تلك الفترة.