ليجز الله من جشم بن بكر – عمرو بن كلثوم
لِيَجزِ اللَّهُ مِن جُشَمَ بنِ بَكرٍ فَوارِسَ نَجدَةٍ خَيرَ الجَزاءِ
تعريف الشاعر:
عمرو بن كلثوم هو شاعر جاهلي من قبيلة تغلب، وُلد في أوائل القرن السادس الميلادي وتوفي في حوالي سنة 584م. يعدّ من أبرز شعراء العرب في الجاهلية، وهو صاحب إحدى المعلقات السبع الشهيرة. ورث عمرو بن كلثوم الزعامة من أبيه، وكان قائداً محنكاً وشاعراً مفوهاً، واشتهر بقوته وشجاعته في الحروب، وخاصة في حرب البسوس بين قبيلتي تغلب وبكر. قصيدته المعلقة تُعدّ من أروع القصائد العربية القديمة، وهي تعبير عن الفخر بالنسب والبطولات القبيلة.
قصة القصيدة:
هذه الأبيات جزء من قصيدة ينسبها البعض إلى عمرو بن كلثوم، وهي جزء من الشعر القبلي الذي يمجد فيه الشاعر قبيلته وأبطالها. تشير الأبيات إلى معركة وقعت بين قبيلة تغلب وقبيلة أخرى، غالباً ما تكون قبيلة بكر، وتحديداً عائلة جشم بن بكر. يتحدث الشاعر عن فرسان قبيلته الذين دافعوا عنه وعن قبيلتهم في معركة وقعت بوادي الأخرمين، حيث يشير إلى ضرباتهم القاسية وطعناتهم التي كانت تشبه اندفاع الماء من الدلاء.
موضوع القصيدة:
قصيدة “ليجز الله من جشم بن بكر” تتحدث عن الفخر والشجاعة والبطولات القبلية، وهي تدور حول معركة مشهودة بين قبيلة تغلب وأعدائها. يصف الشاعر تفاصيل المعركة ويمجد فرسان قبيلته لما أبدوه من شجاعة وبسالة في القتال، وكيف تمكنوا من هزيمة أعدائهم وقتلهم، واعتزازهم بالنساء الأسيرات اللواتي كانوا يأخذونهن كجزء من الغنائم.
لِيَجزِ اللَّهُ مِن جُشَمَ بنِ بَكرٍ
فَوارِسَ نَجدَةٍ خَيرَ الجَزاءِ
بِما حاموا عَلَيَّ غَداةَ دارَت
بِوادي الأَخرَمَينِ رَحى صُداءِ
بِضَربٍ تَشخَصُ الأَبصارُ مِنهُ
وَطَعنٍ مِثلِ أَفراغِ الدِلاءِ
صَباحَ الخَيلُ دامِيَةٌ كُلاها
تَرَقَّصٌ بِالفَوارِسِ كَالظِباءِ
وَأَعرَضَ فارِسُ الهَيجاءِ جَحشٌ
وَجَحشٌ نِعمَ حامِيَةِ النِساءِ
فَنادى في العَجاجَةِ أَينَ عَمروٌ
كَأَنّي فَقعَةٌ أَو طَيرُ ماءِ
فَأَطعَنُهُ وَقُلتُ لَهُ خُذَنَّها
مُشَوَّهَةً تَبجِسُ بِالدِماءِ
فَما اِفتَرَقَت لِذاكَ نَباتُ نَعشٍ
وَلا كَسَفَت لَهُ شَمسُ السَماءِ
قَتَلنا مِنهُمُ سَبعينَ جَحشاً
وَوَلَّونا بِأَقفِيَةِ الإِماءِ
وَأُبنا بِالهِجانِ مُردَفاتٍ
خَطَبناهُنَّ بِالأُسلِ الظِماءِ
وَقُدنا مِنهُم سَرَواتِ قَومٍ
كَجُربِ الإِبلِ تُطلى بِالهِناءِ
تحليل القصيدة:
- الفخر والشجاعة: الشاعر يمجد فرسان قبيلته ويبرز شجاعتهم في المعركة، وهذا الفخر نابع من انتمائه القبلي العميق.
- الوصف الحيّ للمعركة: يستخدم الشاعر صوراً بلاغية قوية لوصف أحداث المعركة، مثل “ضَربٍ تَشخَصُ الأَبصارُ مِنهُ” و”طَعنٍ مِثلِ أَفراغِ الدِلاءِ”، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يشاهد المعركة بنفسه.
- الاستعراض البطولي: الشاعر يستعرض بطولاته الشخصية، خاصة في البيت الذي يقول فيه “فَأَطعَنُهُ وَقُلتُ لَهُ خُذَنَّها”، مما يعكس الفخر الذي يشعر به تجاه ما قام به في المعركة.
- السخرية من العدو: الشاعر يسخر من أعدائه عندما يشير إلى فرارهم بعد الهزيمة، ويصفهم بشكل يقلل من شأنهم ويفتخر بغنائمهم.
- الغنائم والأسرى: يظهر في الأبيات مشهد الغنائم والأسرى من النساء اللواتي كانوا يأخذونهن بعد المعركة، وهو أمر كان يعتبر من أهم مظاهر الفخر في الحروب القبلية.
باختصار، القصيدة هي نموذج للشعر الجاهلي القبلي الذي يمجد القبيلة ويبرز بطولات فرسانها، مع استخدام صور بلاغية حية تصف أحداث المعركة بفخر واعتزاز.