لمن الديار بصاحة فحروس – عبيد بن الأبرص
لِمَنِ الدِيارُ بِصاحَةٍ فَحَروسِ دَرَسَت مِنَ الإِقفارِ أَيَّ دُروسِ
تعريف الشاعر:
عبيد بن الأبرص هو شاعر عربي من العصر الجاهلي، وُلد في قبيلة تميم. يتميز شعره بالبلاغة والفصاحة، وقد عُرف بشغفه بموضوعات الفخر والحب والحماسة. يُعتبر من أبرز شعراء الفخر في تلك الفترة، وقد اشتهر بقصائده التي تتحدث عن القبيلة والكرامة والشجاعة.
قصة القصيدة:
تتناول قصيدة “لمن الديار بصاحة فحروس” مشاعر الشاعر تجاه حبيبته، حيث يصف فيها ديارها وأثر الفراق عليها. يُظهر الشاعر في هذه الأبيات الفخر بقبيلته، ويعبر عن حزنه على البعد عن محبوبته، كما يتحدث عن جمالية الطبيعة التي تحيط بتلك الديار. من خلال تصويراته، ينقل الشاعر صورة حية للمكان الذي عاش فيه وللعواطف التي تجول في قلبه.
موضوع القصيدة:
القصيدة تدور حول الفراق والحنين، حيث يُعبر الشاعر عن شوقه لبلدته وديار محبوبته. يستعمل الشاعر صورًا غنية لتعزيز مشاعره، مستخدمًا أوصافًا دقيقة للطبيعة، مما يُضفي جوًا من الحزن والرغبة في العودة. كما تتطرق القصيدة إلى موضوع الفخر والشجاعة، حيث يستذكر الشاعر مآثر قبيلته.
لِمَنِ الدِيارُ بِصاحَةٍ فَحَروسِ
دَرَسَت مِنَ الإِقفارِ أَيَّ دُروسِ
إِلّا أَوارِيّاً كَأَنَّ رُسومَها
في مُهرَقٍ خَلَقِ الدَواةِ لَبيسِ
دارٌ لِفاطِمَةَ الرَبيعَ بِغَمرَةٍ
فَقَفا شَرافِ فَهَضبِ ذاتِ رُؤوسِ
أَزمانَ غَفلَتِها وَإِن لَم تَجدُها
نَكساً وَشَرُّ الداءِ داءُ نُكوسِ
وَسَبَتكَ ناعِمَةٌ صَفِيُّ نَواعِمٍ
بيضٍ غَرائِرَ كَالظِباءِ العيسِ
خَودٌ مُبَتَّلَةُ العِظامِ كَأَنَّها
بَردِيَّةٌ نَبَتَت خِلالَ غُروسِ
أَفَلا تُناسي حُبَّها بِجُلالَةٍ
وَجناءَ كَالأُجُمِ المَطينِ وَلوسِ
رَفَعَ المَرادُ مِنَ الرَبيعِ سَنامَها
فَنَوَت وَأَردَفَ نابَها لِسَديسِ
فَكَأَنَّما تَحنو إِذا ما أُرسِلَت
عودَ العِضاهِ وَدِقَّهُ بِفُؤوسِ
أَفنَيتُ بَهجَتَها وَنِيَّ سَنامِها
بِالرَحلِ بَعدَ مَخيلَةٍ وَشَريسِ
وَأَميرِ خَيلٍ قَد عَصَيتُ بِنَهدَةٍ
جَرداءَ خاظِيَةِ السَراةِ جَلوسِ
خُلِقَت عَلى عُسُبٍ وَتَمَّ ذَكائُها
وَاِحتالَ فيها الصَنعُ غَيرَ نَحيسِ
وَإِذا جُهِدنَ وَقَلَّ مَصُّ نِطافِها
وَصَلَقنَ في دَيمومَةٍ إِمليسِ
تَنفي الأَواثِمَ عَن سَواءِ سَبيلِها
شَرَكَ الأَحِزَّةِ وَهيَ غَيرُ شَموسِ
أَمّا إِذا اِستَقبَلتَها فَكَأَنَّها
ذَبُلَت مِنَ الهِندِيِّ غَيرَ يَبوسِ
أَمّا إِذا اِستَدبَرتَها فَكَأَنَّها
قارورَةٌ صَفراءُ ذاتُ كَبيسِ
وَإِذا اِقتَنَصنا لا يَجِفُّ خِضابُها
وَكَأَنَّ بِركَتَها مَداكُ عَروسِ
وَإِذا دَفَعنا لِلحِراجِ فَنَهبُها
أَدنى سَوامِ الجامِلِ المَحلوسِ
هاتيكَ تَحمِلُني وَأَبيَضَ صارِماً
وَمُحَرَّباً في مارِنٍ مَخموسِ
في أُسرَةٍ يَومَ الحِفاظِ مَصالِتٍ
كَالأُسدِ لا يُنمى لَها بِفَريسِ
وَبَنو خُزَيمَةَ يَعلَمونَ بِأَنَّنا
مِن خَيرِهِم في غِبطَةٍ وَبَئيسِ
نُبكي عَدُوَّهُمُ وَيَنطَحُ كَبشُنا
لَهُمُ وَلَيسَ النَطحُ بِالمَوموسِ
تحليل القصيدة:
- اللغة والأسلوب:
- استخدم الشاعر لغة غنية بالمفردات، مُعبرة عن مشاعره الجياشة. الألفاظ تمتاز بالجمالية والإيحاء، مما يُعطي القارئ شعورًا عميقًا بمشاعر الشاعر.
- الصورة الشعرية:
- تمتلئ القصيدة بالصور الشعرية الجذابة، مثل “بيضٍ غَرائِرَ كَالظِباءِ العيسِ” و”قارورَةٌ صَفراءُ ذاتُ كَبيسِ”، التي تخلق جمالية بصرية تعزز الفكرة الرئيسية للقصيدة.
- التناقضات:
- يظهر في القصيدة تناقض بين الحزن والفخر، حيث يُعبّر الشاعر عن شوقه العميق لمحبوبته وفي نفس الوقت يتمسك بفخره بقومه.
- الموسيقى الشعرية:
- القصيدة تتمتع بإيقاع موسيقي جذاب من خلال التكرار والوزن، مما يُعطي النص شعورًا بالإيقاع الذي يُسهل تذكره.
الخلاصة:
قصيدة عبيد بن الأبرص هي تعبير عميق عن المشاعر الإنسانية، تبرز جوانب الفراق والحب والفخر. من خلال اللغة والصور الشعرية، يستطيع الشاعر أن ينقل إحساسًا بالحنين والمقاومة، مما يجعل هذه القصيدة واحدة من الأعمال البارزة في الشعر العربي القديم.