هذه نار عبلة يا نديمي – عنترة بن شداد
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي قد جلتْ ظلمة َ الظَّلام البهيم
مقدمة عن الشاعر:
عنترة بن شداد العبسي هو واحد من أشهر شعراء العرب في العصر الجاهلي، وُلد في القرن السادس الميلادي، وكان ابنًا لأبٍ عربي وأمٍ حبشية. عرف عنترة بقوته وشجاعته في المعارك، وبرز كشاعرٍ مغوارٍ وكفارسٍ نبيل. شعره يتميز بروح الفروسية والبطولة، كما يشتهر بأشعاره الغزلية التي يعبر فيها عن حبه العميق لعبلة، ابنة عمه. يعد من أبرز شعراء المعلقات، وله مكانة متميزة في الأدب العربي.
قصة القصيدة:
تُعد قصيدة “هذه نار عبلة يا نديمي” من أشهر قصائد عنترة بن شداد، حيث يعبر فيها عن شوقه وحبه العميق لعبلة. تشير القصيدة إلى ليلة مظلمة يضيئها نار عبلة، وتشبه هذه النار بالنار المتقدة في قلبه من شدة الشوق. عنترة يستعرض في أبياتها جمال عبلة وتأثيره الكبير عليه، حيث يعبر عن معاناته من الحب العميق والمستمر لها.
موضوع القصيدة:
تدور القصيدة حول شوق عنترة وحبه العميق لعبلة، ويعبر عن هذا الشوق بتشبيهات وصور بليغة. كما يتطرق إلى جمال عبلة وتأثيرها العميق عليه، حيث يشعر بأن رؤيتها تزيد من عذابه وشوقه. القصيدة تعكس التناقض بين الجمال والعذاب في الحب، وهو موضوع شائع في شعر عنترة.
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي
قد جلتْ ظلمة َ الظَّلام البهيم
تتلظَّى وَمثْلُها في فؤادي
نارُ شَوْق تزْداد بالتَّضريم
أَضْرمَتْها بيضاءُ تهْتز كالْغُصْـ
ن اذا ما انثنى بمرِّ النسيم
وكَستْهُ أنْفاسُها أرَجَ النَّـ
كاعبٌ ريقها ألذُّ من الشه
ـدِ اذَا مازجتْهُ بنْتُ الكُرُوم
كلما ذُقتُ بارداً من لَماها
خلتهُ في فمي كَنار الجحيم
سَرقَ البدْرُ حسْنَها واسْتعارَت
سحرَ أجفانها ظباءُ الصَّريم
وغرامي بها غرامٌ مقيمُ
وعذابي منَ الغرام المقيم
واتّكالي على الذِي كلّما أبـ
صرَ ذلّي يزيد في تعظيمي
ومُعيني على النَّوائبِ ليثٌ
هو ذخْري وفارجٌ لهمومي
ملِكٌ تسْجُدُ المُلوكُ لذِكْرَا
ه وتومي إليهِ بالتفخيم
وإذا سارَ سابقتهُ المنَايا
نحوَ أعداهُ قبلَ يومِ القدوم
تحليل القصيدة:
- النار كرمز للشوق:
- يبدأ عنترة بوصف نار عبلة التي تُنير الليل المظلم، ويشبهها بنار الشوق التي تزداد تأججًا في قلبه.
- النار هنا رمز للشوق المتزايد والتعذيب العاطفي.
- جمال عبلة:
- يشبه عنترة جمال عبلة بالغصن الذي يهتز تحت تأثير النسيم، مشيرًا إلى رقتها وجمالها الفتان.
- يتحدث عن تأثير أنفاسها ورائحتها العطرة، مما يزيد من جاذبيتها وتأثيرها عليه.
- تأثير الحب:
- يشير عنترة إلى أن حب عبلة له تأثير ساحر ومؤلم في آن واحد. عندما يتذوق من ريقها، يشعر بنار الجحيم في فمه.
- الحب هنا مختلط بين اللذة والألم، مما يعكس حالة التناقض التي يعيشها الشاعر.
- استعارة جمال الطبيعة:
- يستخدم عنترة صورًا من الطبيعة، مثل البدر وظباء الصريم، ليوضح مدى جمال عبلة وتفوقها على أي جمال آخر.
- هذا يعكس مدى افتتانه وحبه العميق لها.
- العذاب والاعتماد على الشجاعة:
- يعبر عنترة عن عذابه الدائم من الحب، لكنه يجد عزاءً واعتمادًا على شجاعته وقوته في مواجهة الصعاب.
- يشير إلى أنه يعتمد على ملك شجاع وقوي يخلصه من همومه.
- الفخر والتعظيم:
- ينهي عنترة القصيدة بمدح الملك الشجاع الذي يخلصه من الأعداء، ويشير إلى مكانته العالية وتفوقه في المعارك.
- هذا يعكس الفخر والفروسية التي تميز شخصية عنترة وشعره.
الخلاصة:
تعتبر هذه القصيدة نموذجًا رائعًا لشعر عنترة بن شداد، حيث يعبر فيها عن شوقه العميق وعذابه من الحب، مستخدمًا تشبيهات وصورًا بلاغية بليغة. تجسد القصيدة جمال عبلة وتأثيرها الكبير عليه، وتعكس التناقض بين اللذة والألم في الحب.