العصر الجاهليالنابغة الذُّبيانيِشعر

دعاك الهوى واستجهلتك المنازل – النابغة الذبياني

دَعاكَ الهَوى وَاِستَجهَلَتكَ المَنازِلُ وَكَيفَ تَصابي المَرءَ وَالشَيبُ شامِلُ

تعريف الشاعر:

النابغة الذبياني، هو واحد من أبرز شعراء العصر الجاهلي. وُلد في قبيلة ذبيان التي كانت تعيش في منطقة الجزيرة العربية، وبرزت قصائده في ميادين المديح والهجاء والرثاء. يُعتبر النابغة الذبياني من أشهر شعراء المديح في العصر الجاهلي، وهو معروف بأسلوبه الفصيح ومهاراته في الوصف والتعبير.

كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً - مضمون دوت كوم
كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً – مضمون دوت كوم

قصة القصيدة:

قصيدة “دعاك الهوى واستجهلتك المنازل” تُعَدُّ واحدة من قصائد النابغة الذبياني الشهيرة. تتحدث القصيدة عن مشاعر الشاعر تجاه فقدان محبوبته وذكريات الماضي. يُظهر الشاعر في هذه القصيدة تأملاته في التغيرات التي لحقت بديار المحبوب وسقوطها في يد الزمن، ويعبر عن حنينه لذكريات الأيام الخوالي التي قضاها هناك. تتخلل القصيدة مشاعر الحزن والأسى لفقدان المحبوب، مما يعكس عمق العلاقة التي كانت تربطه بتلك الأيام والأماكن.

 

دعاك الهوى واستجهلتك المنازل – النابغة الذبياني

دَعاكَ الهَوى وَاِستَجهَلَتكَ المَنازِلُ
وَكَيفَ تَصابي المَرءَ وَالشَيبُ شامِلُ
وَقَفتُ بِرَبعِ الدارِ قَد غَيَّرَ البِلى
مَعارِفَها وَالسارِياتُ الهَواطِلُ
أُسائِلُ عَن سُعدى وَقَد مَرَّ بَعدَنا
عَلى عَرَصاتِ الدارِ سَبعٌ كَوامِلُ
فَسَلَّيتُ ما عِندي بِرَوحَةِ عِرمِسٍ
تَخُبُّ بِرَحلي تارَةً وَتُناقِلُ
مُوَثَّقَةِ الأَنساءِ مَضبورَةِ القَرا
نَعوبٍ إِذا كَلَّ العِتاقُ المَراسِلُ
كَأَنّي شَدَدتُ الرَحلَ حينَ تَشَذَّرَت
عَلى قارِحٍ مِمّا تَضَمَّنَ عاقِلُ
أَقَبَّ كَعَقدِ الأَندَرِيِّ مُسَحَّجٍ
حُزابِيَّةٍ قَد كَدَّمَتهُ المَساحِلُ
أَضَرَّ بِجَرداءِ النُسالَةِ سَمحَجٍ
يُقَلِّبُها إِذ أَعوَزَتهُ الحَلائِلُ
إِذا جاهَدَتهُ الشَدَّ جَدَّ وَإِن وَنَت
تَساقَطَ لا وانٍ وَلا مُتَخاذِلُ
وَإِن هَبَطا سَهلاً أَثارا عَجاجَةً
وَإِن عَلَوا حَزناً تَشَظَّت جَنادِلُ
وَرَبِّ بَني البَرشاءِ ذُهلٍ وَقَيسِها
وَشَيبانَ حَيثُ اِستَبهَلَتها المَنازِلُ
لَقَد عالَني ما سَرَّها وَتَقَطَّعَت
لِرَوعاتِها مِني القُوى وَالوَسائِلُ
فَلا يَهنَئِ الأَعداءَ مَصرَعُ مَلكِهِم
وَما عَتَقَت مِنهُ تَميمٌ وَوائِلُ
وَكانَت لَهُم رِبعِيَّةٌ يَحذَرونَها
إِذا خَضخَضَت ماءَ السَماءِ القَبائِلُ
يَسيرُ بِها النُعمانُ تَغلي قُدورُهُ
تَجيشُ بِأَسبابِ المَنايا المَراجِلُ
يَحُثُّ الحُداةَ جالِزاً بِرِدائِهِ
يَقي حاجِبَيهِ ما تُثيرُ القَنابِلُ
يَقولُ رِجالٌ يُنكِرونَ خَليقَتي
لَعَلَّ زِياداً لا أَبا لَكَ غافِلُ
أَبى غَفلَتي أَنّي إِذا ما ذَكَرتُهُ
تَحَرَّكَ داءٌ في فُؤادِيَ داخِلُ
وَأَنَّ تِلادي إِن ذَكَرتُ وَشِكَّتي
وَمُهري وَما ضَمَّت لَدَيَّ الأَنامِلُ
حِباؤُكَ وَالعيسُ العِتاقُ كَأَنَّها
هِجانُ المَها تُحدى عَلَيها الرَحائِلُ
فَإِن تَكُ قَد وَدَّعتَ غَيرَ مُذَمَّمٍ
أَواسِيَ مُلكٍ ثَبَّتَتها الأَوائِلُ
فَلا تَبعَدَن إِنَّ المَنِيَّةَ مَوعِدٌ
وَكُلُّ اِمرِئٍ يَوماً بِهِ الحالُ زائِلُ
فَما كانَ بَينَ الخَيرِ لَو جاءَ سالِماً
أَبو حُجُرٍ إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ
فَإِن تَحيَ لا أَملَل حَياتي وَإِن تَمُت
فَما في حَياتي بَعدَ مَوتِكَ طائِلُ
فَآبَ مُصَلّوهُ بِعَينٍ جَلِيَّةٍ
وَغودِرَ بِالجَولانِ حَزمٌ وَنائِلُ
سَقى الغَيثُ قَبراً بَينَ بُصرى وَجاسِمٍ
بِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ قَطرٌ وَوابِلُ
وَلا زالَ رَيحانٌ وَمِسكٌ وَعَنبَرٌ
عَلى مُنتَهاهُ ديمَةٌ ثُمَّ هاطِلُ
وَيُنبِتُ حَوذاناً وَعَوفاً مُنَوِّراً
سَأُتبِعُهُ مِن خَيرِ ما قالَ قائِلُ
بَكى حارِثُ الجَولانِ مِن فَقدِ رَبِّهِ
وَحَورانُ مِنهُ مُوحِشٌ مُتَضائِلُ
قُعوداً لَهُ غَسّانُ يَرجونَ أَوبَهُ
وَتُركٌ وَرَهطُ الأَعجَمينَ وَكابُلُ

 

تحليل القصيدة:

  1. المعاني والمفردات:
    • يُظهر الشاعر في القصيدة تأثير الزمن على الأماكن والأشخاص. فقد تغّيرت المعالم القديمة بسبب البلى، وأصبح الشاعر يتساءل عن حال محبوبته بعد مرور الزمن.
    • يعبر الشاعر عن حسرة في قلبه وعدم قدرته على نسيان الماضي، حيث يؤكد أن الذكريات لا تزال تعيش في قلبه بالرغم من مرور السنين.
  1. الأسلوب الأدبي:
    • يتميز أسلوب النابغة الذبياني بالدقة في الوصف والتفاصيل الدقيقة. يظهر ذلك من خلال ذكر الأماكن والأحداث التي كانت مرتبطة بالماضي.
    • يبرز في القصيدة استخدام الصور البيانية مثل تشبيه القوافل والمحال بالأحداث الطبيعية، مما يضفي على القصيدة عمقاً وشاعرية.
  1. المشاعر والمواضيع:
    • تتناول القصيدة موضوعات الحزن والفقدان، حيث يعبّر الشاعر عن ألمه بسبب التغيرات التي لحقت بالماضي.
    • يشعر الشاعر بالحنين إلى الأيام القديمة ويعبر عن الحزن العميق لفقدان المحبوب ولذكريات الماضي التي أصبحت بعيدة.
  1. الرموز والتلميحات:
    • يُستخدم الشاعر العديد من الرموز ليدل على الأزمان والأماكن، مثل الإشارة إلى الديار القديمة والقوافل، مما يعزز من تأملاته في الزمن والتغيرات التي طرأت على حياته.

تُعَدُّ هذه القصيدة تجسيداً للأحاسيس الإنسانية العميقة تجاه الفقدان والذكريات، وتُبرز براعة النابغة الذبياني في التعبير عن هذه المشاعر بأسلوب شعري راقٍ.

Aya Elkady

اهلاً بيكم وسعيدة لتشريفكم صفحتي على موقع مضمون دوت كوم، أية القاضي، كاتبة وصحفية، أكتب محتوى تعليمي وإخباري، مراعية احتياجات مختلف القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل ِAdBlock Please disable AdBlock to get download links