أتاني أبيت اللعن أنك لمتني – النابغة الذبياني
أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني و تلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ
هذه القصيدة هي للشاعر الجاهلي النابغة الذبياني. النابغة كان من شعراء البلاط في عصره، وكان يمدح ويهجو الملوك والأمراء. القصيدة تُظهر مدى قوة الشاعر في استخدام الشعر كوسيلة للتأثير والتعبير عن آرائه ومشاعره.
قصة القصيدة:
النابغة الذبياني كان مرتبطًا بالنعمان بن المنذر، ملك الحيرة. في فترة من الفترات، وصلت إلى النعمان وشايات ضد النابغة، ونتج عنها توتر في العلاقة بين الشاعر والملك. القصيدة تُظهر محاولة النابغة لتبرئة نفسه من هذه الوشايات والدفاع عن نفسه أمام النعمان.
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني – النابغة الذبياني
أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني
و تلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ
فبتُّ كأنّ العائداتِ فرشن لي
هراساً، به يُعلى فِراشي ويُقْشَبُ
حَلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ ريبَة
ً، وليسَ وراءَ اللَّهِ للمَرْءِ مَذهَبُ
لئنْ كنتَ قد بُلغتَ عني وشايةً،
لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ
ولكنني كنتُ امرأً ليَ جانبٌ
منَ الأرضِ، فيه مسترادٌ ومطلب
مُلوكٌ وإخوانٌ، إذا ما أتَيتُهُمْ،
أحكمُ في أموالهمْ، وأقربْ
كفعلكَ في قومٍ أراكَ اصطفيتهم
، فلم ترَهُمْ، في شكر ذلك، أذْنَبُوا
فلا تتركني بالوعيدِ، كأنني
إلى النّاسِ مَطليٌّ به القارُ، أجْرَبُ
ألمْ ترَ أنّ اللهَ أعطاكَ سورة ً
ترى كلّ مَلْكٍ، دونَها،يتذَبذَبُ
فإنكَ شمسٌ، والملوكُ كواكبٌ
إذا طلعتْ لم يبدُ منهنّ كوكبُ
ولستَ بمستبقٍ أخاً، لا تلمهُ
على شَعَثٍ، أيُّ الّرجال المُهَذَّبُ؟
فإنْ أكُ مظلوماً º فعبدٌ ظلمتهُ
وإنْ تكُ ذا عُتَبى º فمثلُكَ يُعتِبُ
تحليل القصيدة:
قصيدة “أتاني أبيت اللعن أنك لمتني” للنابغة الذبياني تُعبر عن مشاعره القوية واستيائه من الاتهامات التي وُجِهت إليه من قبل النعمان بن المنذر، ملك الحيرة. يتحدث النابغة في هذه القصيدة عن الوشايات التي وصلت إلى النعمان والتي أثرت على علاقتهما. يمكن تقسيم تحليل القصيدة إلى عدة محاور رئيسية:
1. التعبير عن الألم والاستياء:
النابغة يعبر عن مدى تأثره العميق من اللوم والاتهامات التي تلقاها. يظهر ذلك في الأبيات الأولى حيث يصف كيف أن تلك الاتهامات أثرت على راحته النفسية والجسدية، مما يجعله يقضي لياليه في قلق وتوتر.
2. الدفاع عن النفس:
يستخدم النابغة القصيدة للدفاع عن نفسه وتبرئته من الوشايات الكاذبة. يقسم بأنه لم يترك مجالاً للشك في ولائه، ويؤكد أن الشخص الذي نقل هذه الوشايات هو شخص غادر وكاذب.
3. التأكيد على المكانة والاحترام:
يشير النابغة إلى مكانته العالية وعلاقاته الواسعة بين الملوك والأمراء، مما يبرز أنه ليس شخصاً يمكن تشويه سمعته بسهولة. يوضح أنه شخص محترم وله جانب قوي في المجتمع يمكنه الاعتماد عليه.
4. المقارنة بين أفعاله وأفعال النعمان:
يقارن الشاعر بين أفعاله وأفعال النعمان تجاه قومه. يشير إلى أن النعمان لم يجد من قومه إخلاصًا وشكرًا كافيين، مما يعزز من موقف النابغة ويدعم طلبه للمسامحة.
5. المدح والاستعارة:
يمدح النابغة النعمان ويشبهه بالشمس التي لا يبرز أمامها أي كوكب، مما يعبر عن احترامه العميق للنعمان ويُظهر ولاءه له. هذا المدح يعزز من طلب النابغة للمسامحة والتفهم.
6. طلب المسامحة والتفاهم:
في النهاية، يطلب النابغة من النعمان المسامحة والتفاهم، مشيرًا إلى أن الجميع معرض للأخطاء وأنه إذا كان مظلومًا فهو عبدٌ ظلمه، وإذا كان النعمان غاضبًا فهو يعتذر عن أي خطأ قد يكون ارتكبه.
الخلاصة:
القصيدة تُظهر براعة النابغة الذبياني في استخدام الشعر كوسيلة للتعبير عن مشاعره والدفاع عن نفسه. النص مليء بالتشبيهات والاستعارات التي تعبر عن مشاعر الشاعر بشكل قوي، مما يجعله قطعة أدبية مميزة تعكس قوة الشعر في التواصل والتأثير.