أرقت لضوء برق في نشاص – عبيد بن الأبرص
أَرِقتُ لِضَوءِ بَرقٍ في نَشاصِ تَلَألَأَ في مُمَلَّأَةٍ غِصاصِ
تعريف الشاعر:
عبيد بن الأبرص هو شاعر عربي من العصر الجاهلي، وُلد في منطقة نجد في شبه الجزيرة العربية. يُعتبر من أبرز شعراء الفخر والمشهورين بمفاخرتهم بأنسابهم وخصالهم. اشتهر بشعره الذي يعكس تجارب الحياة اليومية، ومشاعر الفخر والحماسة. كان يتمتع بمهارات بلاغية عالية، مما جعله يحظى بمكانة مرموقة بين شعراء عصره.
قصة القصيدة:
القصيدة “أَرِقتُ لِضَوءِ بَرقٍ” تعكس مشاعر الشاعر تجاه الطبيعة وتفاعلها مع أحاسيسه، حيث يصف مشهداً طبيعياً جميلاً ومعقداً. يظهر الشاعر من خلال هذه القصيدة كأنّه في حالة تأمل عميق، معبراً عن مشاعره الداخلية والتجارب الشخصية التي يعيشها.
أَرِقتُ لِضَوءِ بَرقٍ في نَشاصِ
تَلَألَأَ في مُمَلَّأَةٍ غِصاصِ
لَواقِحَ دُلَّحٍ بِالماءِ سُحمٍ
تَثُجُّ الماءَ مِن خَلَلِ الخَصاصِ
سَحابٍ ذاتِ أَسحَمَ مُكفَهِرٍّ
تُوَحّي الأَرضَ قَطراً ذا اِفتِحاصِ
تَأَلَّفَ فَاِستَوى طَبَقاً دِكاكاً
مُحيلاً دونَ مَثعَبِهِ نَواصِ
كَلَيلٍ مُظلِمِ الحَجَراتِ داجٍ
بَهيمٍ أَو كَبَحرٍ ذي بَواصِ
كَأَنَّ تَبَسُّمَ الأَنواءَ فيهِ
إِذا ما اِنكَلَّ عَن لَهِقٍ هُصاصِ
وَلاحَ بِها تَبَسُّمُ واضِحاتٍ
يَزينُ صَفائِحَ الحورِ القِلاصِ
سَلِ الشُعَراءَ هَل سَبَحوا كَسَبحي
بُحورَ الشِعرِ أَو غاصوا مَغاصي
لِساني بِالقَريضِ وَبِالقَوافي
وَبِالأَشعارِ أَمهَرُ في الغَواصِ
مِنَ الحوتِ الَّذي في لُجِّ بَحرٍ
يُجيدُ السَبحَ في اللُجَجِ القِماصِ
إِذا ما باصَ لاحَ بِصَفحَتَيهِ
وَبَيَّضَ في المَكَرِّ وَفي المَحاصِ
تُلاوِصُ في المَداصِ مُلاوِصاتٌ
لَهُ مَلصى دَواجِنَ بِالمِلاصِ
بَناتُ الماءِ لَيسَ لَها حَياةٌ
إِذا أَخرَجتَهُنَّ مِنَ المَداصِ
إِذا قَبَضَت عَلَيهِ الكَفُّ حيناً
تَناعَصَ تَحتَها أَيَّ اِنتِعاصِ
وَباصَ وَلاصَ مِن مَلَصٍ مَلاصٍ
وَحوتُ البَحرِ أَسوَدُ أَو مِلاصِ
كَلَونِ الماءِ أَسوَدُ ذو قُشورٍ
نُسِجنَ تَلاحُمَ السَردِ الدِلاصِ
لَعَمرُكَ إِنَّني لَأُعِفُّ نَفسي
وَأَستُرُ بِالتَكَرُّمِ مِن خَصاصِ
وَأُكرِمُ والِدي وَأَصونُ عِرضي
وَأَكرَهُ أَن أُعَدَّ مِنَ الحِراصِ
إِذا ما كُنتَ لَحّاساً بَخيلاً
سَؤولاً لِلمُطاعِ وَذا عِقاصِ
لِزادِ المَرءِ آبَصَ مِن عُقابٍ
وَعِندَ البابِ أَثقَلَ مِن رَصاصِ
بَكى البَوّابُ مِنكَ وَقالَ هَل لي
وَهَل لِلبابِ مِن ذا مِن خَلاصِ
فَيوشِكُ أَن يَراكَ لَهُ عَدُوّاً
عَداوَةَ مَن يُلاطِمُ أَو يُناصي
إِذا ما كانَ عِرضي عِندَ بَطني
فَأَينَ مِنَ اَن أُسَبَّ بِهِ مَناصي
فَإِن خَفَّت لِجوعِ البَطنِ رِجلي
فَدَقَّ اللَهُ رِجلي بِالمُعاصِ
موضوع القصيدة:
يتناول الشاعر في هذه القصيدة مواضيع متعددة، منها:
- الجمال الطبيعي: يصف الشاعر مشاهد طبيعية مذهلة، مثل الضوء الساطع والبرق، مما يبرز جمال الطبيعة وعظمتها.
- المشاعر الداخلية: تعبّر الأبيات عن مشاعر الشاعر وأحاسيسه، حيث يظهر القلق والقلق من مشاعر الفقد أو الخسارة.
- الكرم والشجاعة: يتحدث الشاعر عن أهمية الكرم والشجاعة، ويرتبط ذلك بقيم الفخر التي تتجلى في القصيدة.
تحليل القصيدة:
- البنية الشعرية: تتميز القصيدة بالتنقل بين الصور الشعرية المختلفة، مما يخلق تجربة شعرية غنية. استخدام الاستعارات والتشبيهات يعزز من جمالية النص ويجعله أكثر تأثيراً.
- اللغة والأسلوب: استخدم الشاعر لغة غنية بالمفردات الجمالية والبلاغية، مع تنوع في الألفاظ والموسيقى الشعرية. يظهر الأسلوب الفخم والرصين في التعبير عن المشاعر.
- الرمزية: الرموز المستخدمة في القصيدة تعكس تجارب الحياة، حيث يمثل الضوء والأرض والبحر أبعاداً مختلفة من التجربة الإنسانية، سواء من حيث السعادة أو المعاناة.
الخلاصة:
قصيدة عبيد بن الأبرص تمثل تجربة شعرية غنية تعكس مشاعر الشاعر تجاه الطبيعة والحياة، وتعبر عن فخره وقيمه. تبرز اللغة الجميلة والأسلوب البلاغي جمالية الشعر العربي في العصر الجاهلي، مما يجعلها عملاً أدبياً مميزاً.