أنبئت أن بني جديلة أوعبوا – عبيد بن الأبرص
أُنبِئتُ أَنَّ بَني جَديلَةَ أَوعَبوا نُفراءَ مِن سَلمى لَنا وَتَكَتَّبوا
الشاعر: عبيد بن الأبرص
عبيد بن الأبرص هو شاعر عربي من العصر الجاهلي، ينتمي إلى قبيلة بني يربوع. عُرف بشجاعته ومهارته في فنون القتال والشعر، وقد كان له دور في العديد من المعارك والمنازعات القبلية. يشتهر بلغة شعره الفصيحة وصوره الشعرية الجريئة، وقد تميز بتناوله للموضوعات المتعلقة بالشجاعة والحب والحماسة.
قصة القصيدة:
تدور قصيدة “أنبئت أن بني جديلة أوعبوا “ حول موضوع الحماسة والفخر والبطولة، حيث يتحدث الشاعر عن معركة وقعت بين قبيلته (بني يربوع) وقبيلة أخرى (بني عامر). يسرد الشاعر الأحداث التي جرت خلال المعركة، ويصف فيها الشجاعة التي أظهرها مقاتلو قبيلته.
أُنبِئتُ أَنَّ بَني جَديلَةَ أَوعَبوا
نُفراءَ مِن سَلمى لَنا وَتَكَتَّبوا
وَلَقَد جَرى لَهُمُ فَلَم يَتَعَيَّفوا
تَيسٌ قَعيدٌ كَالوَلِيَّةِ أَعضَبُ
وَأَبو الفِراخِ عَلى خَشاشِ هَشيمَةٍ
مُتَنَكِّباً إِبطَ الشَمائِلِ يَنعَبُ
وَتَجاوَزوا ذاكُم إِلَينا كُلَّهُ
عَدواً وَمَرقَصَةً فَلَمّا قَرَّبوا
طَعَنوا بِمُرّانِ الوَشيجِ فَما تَرى
خَلفَ الأَسِنَّةِ غَيرَ عِرقٍ يَشخَبُ
وَتَبَدَّلوا اليَعبوبَ بَعدَ إِلَهِهِم
صَنَماً فَقَرّوا يا جَديلَ وَأَعذِبوا
إِن تَقتُلوا مِنّا ثَلاثَةَ فِتيَةٍ
فَلِمَن بِساحوقَ الرَعيلُ المُطنِبُ
فَبِحَمدِ حَيِّهِمُ وَحَمدِ قَبيلِهِم
إِذ طالَ يَومُهُمُ وَعابَ العُيَّبُ
إِنّي اِمرُؤٌ في الناسِ لَيسَ لَهُ أَخٌ
إِمّا يُسَرُّ بِهِ وَإِمّا يُغضَبُ
وَإِذا أَخوكَ تَرَكتَهُ وَأَخا اِمرِئٍ
أَودى أَخوكَ وَكُنتَ أَنتَ تَتَبَّبُ
فَلتَعزِفِ القَيناتُ فَوقَ رُؤوسِهِم
وَشَرابُهُم ذو فَضلَةٍ وَمُحَنَّبُ
بَل لا مَحالَةَ مِن لِقاءِ فَوارِسٍ
كَرَمٍ مَتى يُدعَوا لِرَوعٍ يَركَبوا
شُمٍّ كَأَنَّ سَنا القَوانِسِ فَوقَهُم
نارٌ عَلى شَرَفِ اليَفاعِ تَلَهَّبُ
تَمشي بِهِم أُدمٌ تَئِطُّ نُسوعُها
خوصٌ كَما يَمشي الهِجانُ الرَبرَبُ
وَهُمُ قَدِ اِتَّخَذوا الحَديدَ حَقائِباً
وَخِلالَهُم أُدمُ المَراكِلِ تُجنَبُ
مِن كُلِّ مَمسودِ السَراةِ مُقَلِّصٍ
قَد شَفَّهُ طولُ القِيادِ وَأَلغَبوا
وَطِمِرَّةٍ كَالسيدِ يَعلو فَوقَها
ضِرغامَةٌ عَبلُ المَناكِبِ أَغلَبُ
وَلَقَد شَبَبنا بِالجِفارِ لِدارِمٍ
ناراً بِها طَيرُ الأَشائِمِ يَنعَبُ
وَلَقَد تَقادَمَ بِالنِسارِ لِعامِرٍ
يَومٌ لَهُم مِنّا هُناكَ عَصَبصَبُ
حَتّى سَقَيناهُم بِكَأسٍ مُرَّةٍ
فيها المُثَمَّلُ ناقِعاً فَليَشرَبوا
بِمُعَضِّلٍ لَجِبٍ كَأَنَّ عُقابَهُ
في رَأسِ خُرصٍ طائِرٌ يَتَقَلَّبُ
وَلَقَد أَتانا عَن تَميمٍ أَنَّهُم
ذَئِروا لِقَتلى عامِرٍ وَتَغَضَّبوا
رَغمٌ لِأَنفِ أَبيكَ عِندي ضائِعٌ
إِنّي يَهونُ عَلَيَّ أَن لا يُعتَبوا
وَغَداةَ صَبَّحنَ الجِفارَ عَوابِساً
يَهدي أَوائِلَهُنَّ شُعثٌ شُزَّبُ
لَمّا رَأَونا وَالمَغاوِلُ وَسطَهُم
وَالخَيلُ تَبدو تارَةً وَتَغَيَّبُ
وَلَّوا وَهُنَّ يَجُلنَ في آثارِهِم
شَلَلاً وَبالَطناهُمُ فَتَكَبكَبوا
سائِل بِنا حُجرَ بنَ أُمِّ قَطامِ إِذ
ظَلَّت بِهِ السُمرُ النَواهِلُ تَلعَبُ
صَبراً عَلى ما كانَ مِن حُلَفائِنا
مِسكٌ وَغِسلٌ في الرُؤوسِ يُشَيَّبُ
فَليَبكِهِم مَن لا يَزالُ نِساؤُهُ
يَومَ الحِفاظِ يَقُلنَ أَينَ المَهرَبُ
محتوى القصيدة:
- الوصف القتالي: يبدأ الشاعر بوصف المقاتلين والشجاعة التي أظهروها في المعركة. يتحدث عن كيفية تجاوزهم لصعوبات القتال ويصف أعداءهم.
- الفخر والاعتزاز: يعبر الشاعر عن فخره بشجاعتهم وقدرتهم على مواجهة الأعداء، ويدعوهم إلى الاستمرار في القتال حتى لو خسروا بعض الرجال.
- الحزن والندم: يبرز في بعض الأبيات مشاعر الحزن بسبب خسارة الأصدقاء والرفاق في المعركة، مما يضفي بعدًا إنسانيًا على القصيدة.
- الرمزية: يشتمل الشاعر على رموز تشير إلى القوة والشجاعة، مثل ذكر الخيل والأسلحة، مما يضيف عمقًا إلى المعاني.
تحليل القصيدة:
تعتبر القصيدة نموذجًا للشعر الجاهلي الذي يتميز بالبطولة والشجاعة، وتعكس القيم الاجتماعية والثقافية لذلك العصر. يستخدم الشاعر أسلوب الاستعارة والتشبيه لإبراز الفخر والشجاعة، مما يجعل الأبيات قوية ومؤثرة. تُظهر القصيدة أيضًا التنافس بين القبائل والتقاليد القتالية، وتبرز العلاقات الاجتماعية المعقدة التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي.
بشكل عام، تعكس قصائد عبيد بن الأبرص تجسيدًا للقيم الفروسية والشجاعة، وتحتوي على تصوير شعري جميل للأحداث والمشاعر، مما يجعلها من الأعمال الشعرية المهمة في الأدب العربي القديم.