العصر الجاهليالنابغة الذُّبيانيِشعر

أمن ظلامة الدمن البوالي – النابغة الذبياني

أَمِن ظَلّامَةَ الدِمَنُ البَوالي بِمُرفَضِّ الحُبَيِّ إِلى وُعالِ

تعريف الشاعر:

النابغة الذبياني، زياد بن معاوية بن ضباب، هو شاعر جاهلي من قبيلة غطفان. وُلد في بداية القرن السادس الميلادي، وكان أحد أشهر شعراء عصره. لقّب بالنابغة بسبب نبغه في الشعر، أي براعته وابتكاره فيه. عاش في بلاط النعمان بن المنذر في الحيرة، وكان من شعراء المعلقات، إذ نظم أشعارًا تعبر عن مواقفه الحياتية والسياسية، وعن علاقاته بالمحكمة الملكية.

قصة القصيدة:

قصيدة “أمن ظلامة الدمن البوالي” تعدّ واحدة من قصائد النابغة الذبياني التي كتبها في إطار العلاقة المتوترة التي كانت تربطه بالملك النعمان بن المنذر. تروي القصيدة مشاعر النابغة بعدما غادر بلاط النعمان نتيجة خلافات بينهما. القصيدة تحمل معاني الحزن والعتاب، إذ يتوجه الشاعر إلى النعمان مظهرًا حسرته على الفراق وراجياً إعادة الأمور إلى نصابها.

كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً - مضمون دوت كوم
كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً – مضمون دوت كوم

موضوع القصيدة:

القصيدة تعكس موضوعات متعددة منها الحنين إلى الأماكن والأشخاص، والعتاب، والولاء، وإظهار الوفاء للنعمان بالرغم من الفراق. يبدأ الشاعر بوصف دمن الديار المهجورة التي تذكّره بالأيام الخوالي، ثم ينتقل إلى وصف ناقته التي ترمز إلى قوة تحمله ورغبته في العودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً مع النعمان. في النهاية، يعبر الشاعر عن تقديره للنعمان وولائه له، ويدعوه إلى عدم الاستعجال في الحكم عليه بناءً على الشائعات.

 

أَمِن ظَلّامَةَ الدِمَنُ البَوالي
بِمُرفَضِّ الحُبَيِّ إِلى وُعالِ
فَأَمواهِ الدَنا فَعُوَيرِضاتٍ
دَوارِسَ بَعدَ أَحياءٍ حِلالِ
تَأَبَّدَ لا تَرى إِلّا صُواراً
بِمَرقومٍ عَلَيهِ العَهدُ خالِ
تَعاوَرَها السَواري وَالغَوادي
وَما تُذري الرِياحُ مِنَ الرِمالِ
أَثيثٌ نَبتُهُ جَعدٌ ثَراهُ
بِهِ عوذُ المَطافِلِ وَالمَتالي
يُكَشِّفنَ الأَلاءَ مُزَيَّناتٍ
بِغابِ رُدَينَةَ السُحمِ الطِوالِ
كَأَنَّ كُشوحَهُنَّ مُبَطَّناتٍ
إِلى فَوقِ الكُعوبِ بُرودُ خالِ
فَلَمّا أَن رَأَيتُ الدارَ قَفراً
وَخالَفَ بالُ أَهلِ الدارِ بالي
نَهَضتُ إِلى عُذافِرَةٍ صَموتٍ
مُذَكَّرَةٍ تَجِلُّ عَنِ الكَلالِ
فِداءٌ لِاِمرِئٍ سارَت إِلَيهِ
بِعِذرَةِ رَبِّها عَمّي وَخالي
وَمَن يَغرِف مِنَ النُعمانِ سَجلاً
فَلَيسَ كَمَن يُتَيَّهُ في الضَلالِ
فَإِن كُنتَ اِمرَأً قَد سُؤتَ ظَنّاً
بِعَبدِكَ وَالخُطوبُ إِلى تَبالِ
فَأَرسِل في بَني ذُبيانَ فَاِسأَل
وَلا تَعجَل إِلَيَّ عَنِ السُؤالِ
فَلا عَمرُ الَّذي أُثني عَلَيهِ
وَما رَفَعَ الحَجيجُ إِلى إِلالِ
لَما أَغفَلتُ شُكرَكَ فَاِنتَصِحني
وَكَيفَ وَمِن عَطائِكَ جُلُّ مالي
وَلَو كَفّي اليَمينُ بَغَتكَ خَوناً
لَأَفرَدتُ اليَمينَ مِنَ الشِمالِ
وَلَكِن لا تُخانُ الدَهرَ عِندي
وَعِندَ اللَهِ تَجزِيَةُ الرِجالِ
لَهُ بَحرٌ يُقَمِّصُ بِالعَدَولي
وَبِالخُلُجِ المُحَمَّلَةِ الثِقالِ
مُضِرٌّ بِالقُصورِ يَذودُ عَنها
قَراقيرَ النَبيطِ إِلى التِلالِ
وَهوبٌ لِلمُخَيَّسَةِ النَواجي
عَلَيها القائِناتُ مِنَ الرِحالِ

 

تحليل القصيدة:

  • الحنين إلى الماضي: يبدأ الشاعر بوصف الأطلال التي تجسد ذكريات الماضي، وهذا يُبرز مشاعر الحنين والأسى على ما فات.
  • التعبير عن القوة والصلابة: من خلال وصف ناقته، يعكس الشاعر قوته الداخلية واستعداده لمواجهة الصعاب من أجل إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه.
  • الولاء والوفاء: النابغة يظهر ولاءه العميق للنعمان، ويرفض أن يُساء فهمه أو يُتّهم بالخيانة، مؤكدًا استعداده لتحمل أي عواقب لإثبات ولائه.
  • العتاب والتودد: القصيدة تحمل طابع العتاب الهادئ، حيث يحاول الشاعر بلباقة استرضاء النعمان دون أن يظهر في موقف المتوسل، مما يعكس حكمته وذكاءه في التعامل مع المواقف الصعبة.

القصيدة تعتبر مثالاً على جمال الشعر الجاهلي في تعبيره عن مشاعر الإنسان وعلاقاته الاجتماعية والسياسية، كما تعكس القيم العربية التقليدية مثل الوفاء والشرف.

Aya Elkady

اهلاً بيكم وسعيدة لتشريفكم صفحتي على موقع مضمون دوت كوم، أية القاضي، كاتبة وصحفية، أكتب محتوى تعليمي وإخباري، مراعية احتياجات مختلف القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل ِAdBlock Please disable AdBlock to get download links