ألا أبلغا ذبيان عني رسالة – النابغة الذبياني
أَلا أَبلِغا ذُبيانَ عَنّي رِسالَةٍ فَقَد أَصبَحَت عَن مَنهَجِ الحَقِّ جائِرَه
تعريف الشاعر:
النابغة الذبياني هو شاعر عربي من العصر الجاهلي، يُعتبر واحداً من أبرز الشعراء في الأدب العربي القديم. وُلد في قبيلة ذبيان، وقد اشتهر بشعره القوي وصوته المميز في مجالات الفخر والغزل والمدح. كان له دور بارز في الحياة الاجتماعية والسياسية لعصره، وقد ارتبطت قصائده بالكثير من الأحداث والمواقف.
قصة القصيدة:
قصيدة “ألا أبلغا ذبيان عني رسالة” تُعبر عن رسالة يوجهها النابغة إلى قبيلته، ذبيان، يعبر فيها عن مشاعره تجاه الأوضاع التي تمر بها. يُشير الشاعر إلى ظلمٍ وقع على قبيلته، ويدعو أفرادها للتكاتف والوقوف في وجه التحديات. كما يُظهر الشاعر في قصيدته بعض المواقف الإنسانية والقدرة على التفاهم رغم الخلافات.
موضوع القصيدة:
تناقش القصيدة عدة موضوعات رئيسية:
- الظلم والمعاناة: يتحدث الشاعر عن الألم الذي تعرض له هو وقبيلته نتيجة الظلم، مُشيراً إلى الحاجة إلى الوحدة لمواجهة التحديات.
- الفخر والشجاعة: يُعبر الشاعر عن فخره بقبيلته وقوتها، مُشيراً إلى إمكانية التغلب على الصعوبات إذا اجتمعوا.
- الحكمة والتفاهم: يتناول الشاعر أهمية الحكمة في معالجة الأمور وحل النزاعات، مشدداً على أهمية العقل في مواجهة الشدائد.
أَلا أَبلِغا ذُبيانَ عَنّي رِسالَةٍ
فَقَد أَصبَحَت عَن مَنهَجِ الحَقِّ جائِرَه
أَجِدَّكُمُ لَن تَزجُروا عَن ظُلامَةٍ
سَفيهاً وَلَن تَرعوا لِذي الوُدِّ آصِرَه
فَلَو شَهِدَت سَهمٌ وَأَبناءُ مالِكٍ
فَتُعذِرُني مِن مُرَّةَ المُتَناصِرَه
لَجاؤوا بِجَمعٍ لَم يَرَ الناسُ مِثلَه
تَضاءَلُ مِنهُ بِالعَشِيِّ قَصائِرَه
لَيَهنَأ لَكُم أَن قَد نَفَيتُم بُيوتَنا
مُنَدّى عُبَيدانَ المُحَلِّإِ باقِرَه
وَإِنّي لَأَلقى مِن ذَوي الضِغنِ مِنهُمُ
وَما أَصبَحَت تَشكو مِنَ الوَجدِ ساهِرَه
كَما لَقِيَت ذاتُ الصَفا مِن حَليفِها
وَما اِنفَكَّتِ الأَمثالُ في الناسِ سائِرَه
فَقالَت لَهُ أَدعوكَ لِلعَقلِ وافِياً
وَلا تَغشَيَنّي مِنكَ بِالظُلمِ بادِرَه
فَواثَقَها بِاللَهِ حينَ تَراضَيا
فَكانَت تَديهِ المالَ غِبّاً وَظاهِرَه
فَلَمّا تَوَفّى العَقلَ إِلّا أَقَلَّهُ
وَجارَت بِهِ نَفسٌ عَنِ الحَقِّ جائِرَه
تَذَكَّرَ أَنّى يَجعَلُ اللَهُ جُنَّةً
فَيُصبِحَ ذا مالٍ وَيَقتُلَ واتِرَه
فَلَمّا رَأى أَن ثَمَّرَ اللَهُ مالَهُ
وَأَثَّلَ مَوجوداً وَسَدَّ مَفاقِرَه
أَكَبَّ عَلى فَأسٍ يُحِدَّ غُرابَها
مُذَكَّرَةٍ مِنَ المَعاوِلِ باتِرَه
فَقامَ لَها مِن فَوقِ جُحرٍ مُشَيَّدٍ
لِيَقتُلَها أَو تُخطِئَ الكَفُّ بادِرَه
فَلَمّا وَقاها اللَهُ ضَربَةَ فَأسِهِ
وَلِلبِرِّ عَينٌ لا تُغَمِّضُ ناظِرَه
فَقالَ تَعالي نَجعَلِ اللَهَ بَينَنا
عَلى ما لَنا أَو تُنجِزي لِيَ آخِرَه
فَقالَت يَمينُ اللَهِ أَفعَلُ إِنَّني
رَأَيتُكَ مَسحوراً يَمينُكَ فاجِرَه
أَبى لِيَ قَبرٌ لا يَزالُ مُقابِلي
وَضَربَةُ فَأسٍ فَوقَ رَأسِيَ فاقِرَه
تحليل القصيدة:
تتميز القصيدة بأسلوبها البلاغي الفصيح، حيث يستخدم الشاعر مجموعة من الصور البلاغية التي تعكس مشاعره وأفكاره. يُظهر الشاعر ببراعة كيف يمكن للفرد أن يتحول من موقف ضعف إلى قوة من خلال الانتماء إلى قبيلته.
الأفكار الرئيسية:
- التحدي والقتال: يُظهر الشاعر كيف أن التحدي يتطلب الشجاعة والإقدام.
- التحذير: يحذر الشاعر قبيلته من العواقب الوخيمة للظلم والخلافات الداخلية.
- دعوة للتضامن: يُدعو أفراد القبيلة إلى الاتحاد لمواجهة الأعداء والتحديات الخارجية.
اللغة والأسلوب: تتسم القصيدة بلغة عربية فصيحة غنية بالمفردات الشعرية، مع استخدام مستمر للصور الجمالية والاستعارات، مما يُعزز من تأثيرها العاطفي والبلاغي.
خاتمة:
تعد قصيدة النابغة الذبياني نموذجاً رائعاً من الشعر الجاهلي، حيث تبرز فيها مشاعر الفخر والانتماء، وتعكس التحديات التي كانت تواجهها القبائل في ذلك العصر.