قصيدة أحار عمرو كأني خمر – امرؤ القيس

تعريف الشاعر:

امرؤ القيس هو حُجر بن الحارث الكندي، المعروف بامرؤ القيس، يُعدّ أحد أعظم شعراء الجاهلية العرب وأشهرهم. وُلد في قبيلة كندة في اليمن حوالي عام 500 ميلادي. عاش حياة مليئة بالمغامرات والنوائب، واشتهر بأسلوبه الشعري الرفيع وقدرته على تصوير الطبيعة والعواطف الإنسانية ببلاغة فريدة.

قصة القصيدة:

قصيدة “أحار عمرو كأني خمر” تُعد من أشهر قصائد امرؤ القيس، ويُعتقد أنها تعكس جزءًا من حياته الشخصية ومعاناته العاطفية. تُبرز القصيدة مهاراته الشعرية في الوصف والتشبيه، وقدرته على تصوير المشاهد الحسية والعاطفية بشكل فني بديع.

القصيدة تتناول عدة مواضيع منها:

الشوق والحنين إلى المحبوبة والأيام الجميلة التي قضاها معها.
وصف جمال المحبوبة بأسلوب شعري رائع ومليء بالتشبيهات البليغة.
تعبيره عن الألم والمعاناة الناتجة عن البعد والفراق.
تصويره لمغامراته ومعاركه، وما تحمله من تحديات ومخاطر.

أبيات قصيدة أحار عمرو كأني خمر – امرؤ القيس

أحار عمرو كأني خمر
ويعدو على المرء ما يأتمرْ
لا وأبيك ابنة َ العامر
يّ لا يدّعي القومُ أني أفرَ
تَمِيمُ بنُ مُرٍّ وَأشْيَاعُهَا
وكندة ُ حولي جميعاً صبر
إذا ركبوا الخيلَ واستلأموا
تَحَرّقَتِ الأرْضُ وَاليَوْمُ قُرْ
تروح من الحيّ أم تبتكر
وماذا عليك بأن تنتظر
أمرخٌ خيامهم أم عشر
أم القلبُ في إثرهم منحدر
وفيمن أقامَ عن الحي هر
أمِ الظّاعِنُونَ بهَا في الشُّطُرْ
وهر تصيدُ قلوب الرجالِ
وأفلتَ منها ابن عمرو حجر
رَمَتْني بسَهْمٍ أصَابَ الفُؤادَ
غَدَاة َ الرّحِيلِ فَلَمْ أنْتَصِرْ
فأسبَلَ دَمعي كَفَضّ الجُمَانِ
أو الدرّ رقراقِه المنحدر
وإذ هي تشمي كمشي النزيف
يَصرَعُهُ بِالكَثِيبِ البُهُرْ
برهرهة ٌ رودة ٌ رخصة ٌ
كخرعوبة البانة المنفطرْ
فتورُ القيام قطيعُ الكلا
تَفْتَرُّ عَنْ ذِي غُرُوبٍ خَصِرْ
كأن المدامَ وصوب الغمام
وَرِيحَ الخْزَامَى وَنَشْرَ القُطُرْ
يُعَلُّ بِهِ بَرْدُ أنْيَابِهَا
إذَا طَرّبَ الطّائِرُ المُسْتَحِرْ
فبتّ أكابد ليل التما
وَالقَلْبُ من خَشْيَة ٍ مُقْشَعِرْ
فَلَمّا دَنِوْتُ تَسَدّيْتُهَا
فثوباً نسيتُ وثوباً أجرّ
وَلَمْ يَرَنَا كَالىء ٌ كَاشحٌ
ولم يفشُ منا لدى البيت سر
وقد رابني قولها يا هنا
وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرّاً بِشَرْ
وَقَدْ أغْتَدِي وَمَعي القَانِصَانِ
وَكُلٌّ بمَرْبَأة ٍ مُقْتَفِر
سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلُوبٌ نَكِرْ
ألصّ الضروس حني الضلوع
تبوع طلوع نشيط أشر
فأنْشَبَ أظْفَارَهُ في النَّسَا
فقلتُ هبلتَ ألا تنتصر!
فَكَرّ إلَيْهِ بمِبْراتِهِ
كماخلّ ظهر اللسانِ المجرْ
فَظَلّ يُرَنِّحُ في غَيْطَلٍ
كما يستدير الحمار النعر
وأركب في الروع خيفانة
ٍ كسا وجهها سعف منتشر
لها حافرٌ مثل قعب الولي
د ركبَ فيه وظيفٌ عجز
لها ثننٌ كخوافي العقا
بِ سُودٌ يَفِينَ إذا تَزْبَئِرْ
وَسَاقَانِ كَعْبَاهُمَا أصْمَعَا
نِ لحمُ حَمَاتَيْهِمَا مُنْبَتِرْ
لها عجزٌ كصفاة المسي
ل أبرزَ عنها جحاف مضر
لهَا ذَنَبٌ، مِثلُ ذَيلِ العَرُوسِ،
تسد به فرجها من دبرُ
لهَا مَتْنَتَانِ خَظَاتَا كمَا
أكَبّ عَلى سَاعِدَيْهِ النَّمِرْ
لها عذر كقرون النسا
رُكّبنَ في يَوْمِ رِيحٍ وَصِرْ
وسالفة كسحوقِ الليا
نِ أضرَمَ فِيهَا الغَوِيُّ السُّعُرْ
لها جبهة كسراة المج
حَذَّفَهُ الصّانِعُ المُقْتَدِرْ
لهَا مِنْخَرٌ كَوِجَارِ الضِّبَاعِ
فَمِنْهُ تُرِيحُ إذَا تَنْبَهِرْ
وَعَينٌ لهَا حَدْرَة ٌ بَدْرَة
ٌ وشقت مآقيها من أخر
إذَا أقْبَلَتْ قُلْتَ: دُبَّاءَة ٌ
من الحضر مغموسة في الغدر
وإن أدبرت قلتُ أثفية
ململمة ليسَ فيها أثر
وَإنْ أعرَضَتْ قُلْتَ: سُرْعرفَة ٌ
لهَا ذَنَبٌ خَلْفَهَا مُسْبَطِرْ
وللسوط فيها مجال كما
تنزل ذو بردٍ منهمر
لهَا وَثَبَاتٌ كَصَوْبِ السَّحَابِ
فوادٍ خطاءٌ ووادٍ مطر
وتعدو كعدوِ نجاة الظبا
ء أخطأها الحاذف المقتدر

تحليل القصيدة:

الوصف الفني: يتجلى في الأبيات وصف دقيق للمحبوبة، مثل وصف عيونها وشعرها وخطواتها، مما يبرز جمالها بشكل مثير ويُظهر مهارات امرؤ القيس البلاغية.

التشبيهات والاستعارات: استخدم الشاعر العديد من التشبيهات الرائعة، مثل تشبيه دموعه بالجُمان (اللؤلؤ)، وذكره للريح والخزامى لإبراز رائحة المحبوبة، ما يعكس براعة الشاعر في استخدام اللغة لإيصال مشاعره.

العواطف: تعبر القصيدة عن مشاعر الحزن والشوق والألم، وكيف يعاني الشاعر من فراق المحبوبة. تُظهر الأبيات تأثير الحب العميق على الشاعر وكيف أنه لم يستطع نسيان محبوبته رغم البعد.

التحديات والمغامرات: يُبرز الشاعر في بعض الأبيات مغامراته وشجاعته في المعارك، وكيفية مواجهته للتحديات بشجاعة، مما يعكس جانباً آخر من شخصيته القوية والجريئة.

تُعد هذه القصيدة نموذجًا مميزًا لشعر الجاهلية، حيث تتلاقى فيها البلاغة والفن الشعري مع العواطف الإنسانية العميقة، مما جعلها تستمر في التأثير على الأدب العربي حتى اليوم.