أعني على برق أراه وميضِ – امرؤ القيس
أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ يُضيءُ حَبِيّاً في شَمارِيخَ بِيضِ
الشاعر امرؤ القيس:
امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكندي هو شاعر عربي قديم وُلد في قبيلة كندة في اليمن في القرن السادس الميلادي. يُعتبر من أبرز شعراء العصر الجاهلي، واشتهر بلقب “الملك الضليل” بسبب حياته المضطربة ومغامراته الكثيرة. يُعرف امرؤ القيس بأنه مؤسس الشعر العربي الجاهلي، إذ جمع بين القوة والرقّة في شعره، وهو أشهر شعراء المعلقات، وقد تميزت أشعاره بوصف الطبيعة والغزل والتشبيهات البليغة.
قصة القصيدة:
تروي قصيدة “أعني على برق أراه وميضِ” قصة تأمل الشاعر في وميض البرق أثناء تجواله، حيث يستعرض صورًا للطبيعة وأثرها عليه وعلى رفاقه. يبدأ بوصف البرق الذي يلمع ويهدأ ويشبهه بيدين تتلقى النعم. يستمر الشاعر في وصف المناظر الطبيعية التي يمر بها، من تلال ووديان وبقاع مملوءة بالماء بعد هطول المطر.
ينتقل الشاعر بعد ذلك إلى وصف رحلته الشخصية وكيف يتعامل مع التحديات التي يواجهها، سواء كانت الطبيعة القاسية أو الحاجة لسقي الأرض والعناية بها. يصف الشاعر أيضًا الفرس الذي يمتطيه، مشيرًا إلى قوته وسرعته ومرونته. في النهاية، يعبر عن الشعور بالرضا والسعادة عند انتهاء الرحلة بعد تحقيق أهدافه.
أبيات أعني على برق أراه وميضِ – امرؤ القيس
أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ
يُضيءُ حَبِيّاً في شَمارِيخَ بِيضِ
ويهدأ تاراتٍ وتارة
ً ينوءُ كتعتاب الكسير المهيض
وَتَخْرُجُ مِنْهُ لامِعَاتٌ كَأنّهَا
أكُفٌّ تَلَقّى الفَوْزَ عند المُفيضِ
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحُبَتي بَينَ ضَارجٍ
وبين تلاع يثلثَ فالعريض
أصَابَ قَطَاتَينِ فَسالَ لِوَاهُمَا
فوادي البديّ فانتحي للاريض
بِلادٌ عَرِيضَة ٌ وأرْضٌ أرِيضَة
ٌ مَدَافِعُ غَيْثٍ في فضاءٍ عَرِيضِ
فأضحى يسحّ الماء عن كل فيقة
يحوزُ الضبابَ في صفاصف بيضِ
فأُسْقي بهِ أُخْتي ضَعِيفَة َ إذْ نَأتْ
وَإذْ بَعُدَ المَزَارُ غَيرَ القَرِيضِ
وَمَرْقَبَة ٍ كالزُّجّ أشرَفْتُ فَوْقَهَا
أقلب طرفي في فضاءٍ عريض
فظَلْتُ وَظَلّ الجَوْنُ عندي بلِبدِهِ
كأني أُعَدّي عَنْ جَناحٍ مَهِيضِ
فلما أجنّ الشمسَ عني غيارُها
نزلت إليه قائماً بالحضيض
أُخَفّضُهُ بالنَّقْرِ لمّا عَلَوْتُهُ
ويرفع طرفاً غير جافٍ غضيض
وَقد أغتَدِي وَالطيّرُ في وُكُنَاتِهَا
بمنجردٍ عبل اليدين قبيض
لَهُ قُصْرَيَا غَيرٍ وَسَاقَا نَعَامَة
ٍ كَفَحلِ الهِجانِ يَنتَحي للعَضِيضِ
يجم على الساقين بعد كلاله
جُمومَ عُيونِ الحِسي بَعدَ المَخيضِ
ذعرتُ بها سرباً نقياً جلودهُ
كما ذعر السرحانُ جنب الربيض
وَوَالَى ثَلاثاً واثْنَتَينِ وَأرْبَعاً
وغادر أخرى في قناة الرفيض
فآب إياباً غير نكد مواكلٍ
وأخلفَ ماءً بعد ماءٍ فضيض
وَسِنٌّ كَسُنَّيْقٍ سَنَاءً وَسُنَّماً
ذَعَرْتُ بمِدْلاجِ الهَجيرِ نَهُوضِ
أرى المرءَ ذا الاذواد يُصبح محرضاً
كإحرَاضِ بَكْرٍ في الدّيارِ مَرِيضِ
كأن الفتى لم يغنَ في الناس ساعة
إذا اختَلَفَ اللَّحيانِ عند الجَرِيضِ
تحليل للقصيدة:
1. الوصف والتشبيه:
استخدم امرؤ القيس في هذه القصيدة أسلوب الوصف بشكل بارع، حيث يصف البرق وكأنه يد تتلقى النعم، وهذا التشبيه يبرز مدى تأثير الطبيعة على الشاعر وكيف يراها كمصدر للحياة والجمال.
2. الصور البصرية:
تميزت القصيدة بصور بصرية حية وقوية، مثل وصف البرق اللامع والمطر الذي يسحّ، وهذه الصور تعكس قدرة الشاعر على نقل مشاهد الطبيعة بدقة وإحساس عميق.
3. الطبيعة والتحدي:
تعكس القصيدة العلاقة الوثيقة بين الشاعر والطبيعة، وكيف يستمد منها القوة والإلهام. كما تظهر التحديات التي يواجهها الشاعر في رحلته وكيفية تغلبه عليها، مما يعكس صلابة وعزيمة الشاعر.
4. الأثر النفسي:
تعبر القصيدة عن مشاعر الشاعر وتأملاته الداخلية، وكيف يتفاعل مع جمال الطبيعة والتحديات التي يواجهها. كما تبرز القصيدة الشعور بالرضا الذي يشعر به الشاعر عند تحقيق أهدافه والعودة من رحلته.
5. استخدام اللغة:
استخدم امرؤ القيس لغة غنية ومكثفة في وصفه، مما أضفى على القصيدة جمالاً وأصالة. استعان بالشكل العمودي التقليدي للقصيدة الجاهلية، مع المحافظة على القافية والوزن، مما أضفى على النص تماسكًا وانسجامًا.