هبت تلوم وليست ساعة اللاحي – عبيد بن الأبرص
هَبَّت تَلومُ وَلَيسَت ساعَةَ اللاحي هَلّا اِنتَظَرتِ بِهَذا اللَومُ إِصباحي
تعريف الشاعر:
عبيد بن الأبرص هو شاعر جاهلي من قبيلة أسد، يُعد من شعراء المعلقات ومن حكماء العرب. عاش في فترة ما قبل الإسلام، وكان معاصرًا للشاعر الشهير زهير بن أبي سلمى. يعتبر شعره من أقدم ما وصل إلينا، ويتميز بالحكمة والبلاغة، ويتناول في كثير من قصائده موضوعات تتعلق بالحياة والموت، والقدر والزمان.
قصة القصيدة:
قصيدة “هبت تلوم وليست ساعة اللاحي” تتناول موضوعات متعددة، أهمها الشكوى من اللوم والتذكير بالموت. الشاعر يبدأ بتوجيه اللوم لمن يلومه في وقت غير مناسب، حيث يقول إنه ليس الوقت المناسب للعتاب أو اللوم. ثم يتحدث عن تجربته في الحياة، كيف كان يتمتع بالشباب واللهو، ولكنه الآن يعرف أن كل شيء زائل وأن الموت قادم لا محالة. الشاعر يصف مشاعره تجاه لوم من حوله له رغم معرفتهم بأنه مدرك لما يفسده ويصلحه بنفسه.
هَبَّت تَلومُ وَلَيسَت ساعَةَ اللاحي
هَلّا اِنتَظَرتِ بِهَذا اللَومُ إِصباحي
قاتَلَها اللَهُ تَلحاني وَقَد عَلِمَت
أَنَّ لِنَفسِيَ إِفسادي وَإِصلاحي
كانَ الشَبابُ يُلَهّينا وَيُعجِبُنا
فَما وَهَبنا وَلا بِعنا بِأَرباحِ
إِن أَشرَبِ الخَمرَ أَو أُرزَأَ لَها ثَمَناً
فَلا مَحالَةَ يَوماً أَنَّني صاحي
وَلا مَحالَةَ مِن قَبرٍ بِمَحنِيَةٍ
وَكَفَنٍ كَسَراةِ الثَورِ وَضّاحِ
يا مَن لِبَرقٍ أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُهُ
مِن عارِضٍ كَبَياضِ الصُبحِ لَمّاحِ
دانٍ مُسِفٍّ فُوَيقَ الأَرضِ هَيدَبُهُ
يَكادُ يَدفَعُهُ مَن قامَ بِالراحِ
فَمَن بِنَجوَتِهِ كَمَن بِمَحفِلِهِ
وَالمُستَكِنُّ كَمَن يَمشي بِقِرواحِ
كَأَنَّ رَيَّقَهُ لَمّا عَلا شَطِباً
أَقرابُ أَبلَقَ يَنفي الخَيلَ رَمّاحِ
فَاِلتَجَّ أَعلاهُ ثُمَّ اِرتَجَّ أَسفَلُهُ
وَضاقَ ذَرعاً بِحَملِ الماءِ مُنصاحِ
كَأَنَّما بَينَ أَعلاهُ وَأَسفَلِهِ
رَيطٌ مُنَشَّرَةٌ أَو ضَوءُ مِصباحِ
كَأَنَّ فيهِ عِشاراً جِلَّةً شُرُفاً
شُعثاً لَهاميمَ قَد هَمَّت بِإِرشاحِ
بُحّاً حَناجِرُها هُدلاً مَشافِرُها
تُسيمُ أَولادَها في قَرقَرٍ ضاحي
هَبَّت جَنوبٌ بِأولاهُ وَمالَ بِهِ
أَعجازُ مُزنٍ يَسُحُّ الماءَ دَلّاحِ
فَأَصبَحَ الرَوضُ وَالقيعانُ مُمرِعَةً
مِن بَينِ مُرتَفِقٍ فيهِ وَمُنطاحِ
موضوعات القصيدة:
- اللوم: يبدأ الشاعر بالحديث عن اللوم الذي يتلقاه من الآخرين، ويشير إلى أن الوقت غير مناسب لهذا اللوم.
- الشباب والموت: يتذكر الشاعر شبابه واللهو الذي كان يشغله، ولكنه الآن يعرف أن الموت قادم.
- القدر: يشير الشاعر إلى أن الحياة مليئة بالتقلبات وأن الإنسان لا يستطيع تغيير مصيره.
- وصف الطبيعة: يستخدم الشاعر وصف الطبيعة ليعكس مشاعره، مثل وصف البرق والمطر الذي يروي الأرض.
التحليل:
القصيدة تعكس فلسفة عبيد بن الأبرص حول الحياة والموت، وكيف أن الإنسان مهما تمتع بشبابه وقوته، فهو في النهاية يسير نحو الموت. الشاعر يستخدم صورًا بلاغية قوية ليصف مشاعره، مثل وصف البرق الذي ينتظره طوال الليل، وأثر المطر على الأرض. هذه الصور تُظهر التأمل العميق للشاعر في الحياة والزمان.
القصيدة تنقل شعور الشاعر بالزمن المتلاشي وعدم الاستقرار في الحياة، ويبدو أن الشاعر كان يحاول التكيف مع فكرة الفناء والموت المحتوم.