نأتك سليمى فالفؤاد قريح – عبيد بن الأبرص
نَأَتكَ سُلَيمى فَالفُؤادُ قَريحُ وَلَيسَ لِحاجاتِ الفُؤادِ مُريحُ
تعريف بالشاعر:
عبيد بن الأبرص هو عبيد بن الأبرص بن جشم بن هذيل الأسدي، شاعر عربي من شعراء العصر الجاهلي، يُعَدُّ من المقلين في الشعر، وواحداً من أصحاب “المعلقات”، حيث كانت قصيدته الشهيرة ضمن المعلقات السبع. عاش في القرن السادس الميلادي، وكان معاصراً للملك النعمان بن المنذر، الذي قُتل على يده بطريقة مؤلمة تُذكر في الروايات الأدبية، ما يجعله رمزاً من رموز الأدب الجاهلي.
قصة القصيدة:
قصيدة “نأتك سليمى فالفؤاد قريح” لعبيد بن الأبرص وهي تعكس تجليات الشعر الجاهلي الذي يتسم بالقوة والجزالة في الألفاظ والخيال. القصيدة تبدأ بالحديث عن “سُلَيمى”، ويبدو أن القصيدة تستحضر ذكرى هذه المرأة وما يرافق ذلك من ألم وشوق. يتم تصويرها بشكل خيالي يشبه الخمرة اللذيذة، ثم ينتقل الشاعر للحديث عن مشاهد من الطبيعة والحياة اليومية عند العرب، مثل السفن والأمواج والريح، ثم يصل إلى وصف ركوبه للخيل وشجاعته في المعارك.
نَأَتكَ سُلَيمى فَالفُؤادُ قَريحُ
وَلَيسَ لِحاجاتِ الفُؤادِ مُريحُ
إِذا ذُقتَ فاها قُلتَ طَعمُ مُدامَةٍ
مُشَعشَعَةٍ تُرخي الإِزارَ قَديحُ
بِماءِ سَحابٍ في أَباريقِ فِضَّةٍ
لَها ثَمَنٌ في البايِعينَ رَبيحُ
تَأَمَّل خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ
يَمانِيَّةٍ قَد تَغتَدي وَتَروحُ
كَعَومِ السَفينِ في غَوارِبِ لُجَّةٍ
تُكَفِّئُها في ماءِ دِجلَةَ ريحُ
جَوانِبُها تَغشى المَتالِفَ أَشرَفَت
عَلَيهِنَّ صُهبٌ مِن يَهودَ جُنوحُ
وَقَد أَغتَدي قَبلَ الغَطاطِ وَصاحِبي
أَمينُ الشَظا رِخوُ اللَبانِ سَبوحُ
إِذا حَرَّكَتهُ الساقُ قُلتَ مُجَنَّبٌ
غَضيضٌ غَذَتهُ عَهدَةٌ وَسُروحُ
مَراتِعُهُ القيعانُ فَردٌ كَأَنَّهُ
إِذا ما تُماشيهِ الظِباءُ نَطيحُ
فَهاجَ لَهُ حَيٌّ غَداةً فَأَوسَدوا
كِلاباً فَكُلُّ الضارِياتِ يُشيحُ
إِذا خافَ مِنهُنَّ اللِحاقَ نَمَت بِهِ
قَوائِمُ حَمشاتُ الأَسافِلِ روحُ
وَقَد أَترُكُ القِرنَ الكَمِيَّ بِصَدرِهِ
مُشَلشِلَةٌ فَوقَ النِطاقِ تَفوحُ
دَفوعٌ لِأَطرافِ الأَنامِلِ ثَرَّةٌ
لَها بَعدَ إِشرافِ العَبيطِ نَشيحُ
إِذا جاءَ سِربٌ مِن ظِباءٍ يَعُدنَهُ
تَبادَرنَ شَتّى كُلُّهُنَّ تَنوحُ
موضوع القصيدة:
القصيدة تتحدث عن مشاعر الحب والشوق التي يشعر بها الشاعر تجاه “سُلَيمى”، وكيف أن فراقها قد تسبب له بألم عميق. يتضح من الأبيات استخدام الشاعر للتشبيهات والاستعارات لإبراز جمال “سُلَيمى” وتأثيرها العميق عليه.
الشاعر يستخدم في القصيدة مجموعة من الصور البلاغية التي تتعلق بالطبيعة والحياة البدوية، مثل السفن التي تواجه الرياح والخيل القوية. هذه الصور تبرز القوة والجمال والمغامرة، وتعكس مدى تعلق الشاعر بحبيبته.
أما من ناحية التحليل الفني، فالقصيدة تحتوي على العديد من الأبيات التي تبرز مهارة الشاعر في استخدام الألفاظ الرنانة والجزلة. كما أن الشاعر يكثر من استخدام الصور البلاغية مثل التشبيه والاستعارة، مما يعطي القصيدة عمقاً وقوة في التعبير.
التحليل:
القصيدة تنتمي إلى الشعر الجاهلي الذي يركز على الفخر بالأنساب والقوة البدنية والبراعة في الفروسية. من خلال استخدام الألفاظ الجزلة والصور البلاغية، يعبر عبيد بن الأبرص عن مشاعر الحب والشوق، لكنه يبرز أيضاً قوة شخصيته وشجاعته. القصيدة تعكس الطبيعة القاسية للحياة في الصحراء، والحاجة إلى التحلي بالشجاعة والبراعة للتغلب على الصعاب، وهو ما يظهر في حديث الشاعر عن مغامراته ومهارته في الفروسية.