إذا ريح الصبا هبت أصيل – عنترة بن شداد
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ شَفَتْ بهبوبها قلْباً عليلا
تعريف الشاعر:
عنترة بن شداد هو واحد من أشهر شعراء العرب في العصر الجاهلي، وُلد في قبيلة بني عبس، واشتهر بشجاعته وفروسيته، بالإضافة إلى شعره الرائع. كان عنترة ابن أمة حبشية ووالده من قبيلة بني عبس، مما جعله يواجه تحديات اجتماعية. عُرف بحبه لامرأة تدعى “عبلة” والتي كانت موضوع العديد من قصائده.
قصة القصيدة:
قصيدة “إذا ريح الصبا هبت أصيل” تتحدث عن الشوق والفراق، حيث يستعرض الشاعر مشاعره الحزينة تجاه محبوبته “عبلة”، ويتأمل في حالته النفسية التي ازدادت سوءًا بسبب البعد عن قومه. يتحدث عن هبوب ريح الصبا، التي تذكره بحبيبته وتخبره بأن قومه قد غادروا، مما يثير فيه مشاعر الحزن والشوق.
موضوع القصيدة :
تتناول القصيدة موضوع الشوق والفراق والحزن، حيث يعبّر عنترة عن آلامه بسبب بعده عن محبوبته وقومه. من خلال الأبيات، يظهر التأثير العاطفي للذكريات التي تثيرها الرياح والأصوات، مما يعكس علاقة الشاعر العميقة بأرضه وأحبائه.
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ
شَفَتْ بهبوبها قلْباً عليلا
وجاءَتني تخبر أنَّ قومي
بمن أهْوَاهُ قد جَدُّوا الرَّحيلا
وما حَنُّوا على منْ خَلَّفوهُ
بوَادي الرَّمل مُنْطَرحاً جديلا
يَحنُّ صبابة ً ويَهيمُ وجداً
إليهمْ كُلَّما ساقُوا الحُمولا
ألا يا عبلَ إنْ خانوا عهودي
وكان أبوكِ لا يرعى الجميلا
حَملْتُ الضَّيْمَ والهّجرَانَ جُهْدِي
على رَغمي وخالَفْتُ العَذُولا
عَرَكْتُ نَوائبَ الأَيامِ حتى
رأَيتُ كَثيرَها عِنْدي قليلا
وعاداني غرابُ البين حتى
كأَنّي قد قَتَلْتُ له قَتيلا
وقد غنّى على الأَغصانِ طيْرٌ
بصوْتِ حَنِينه يَشْفي الغليلاَ
بكى فأعرتهُ أجفانَ عيني
وناحَ فزادَ إعْوالي عَويلاَ
فقُلْتُ له: جَرحْتَ صَميم قَلْبي
وأبدى نوحك الداءَ الدَّخيلا
وما أبقيتَ في جفني دموعاً
ولاَ جسماً أعيشُ به نحيلاَ
ولاَ أبقى ليَ الهجرانُ صبراً
لكيْ ألقى َ المنازلَ والطلولا
أَلِفْتُ السُّقْمَ حتى صارَ جِسْمي
إذا فقدَ الضنى أمسى عليلا
ولو أنيّ كشفتُ الدرع عني
رأيتَ وراءَهُ رسْماً مُحيلا
وفي الرسمِ المحيلِ حسامُ نفسً
يُفلّلُ حَدُّهُ السَّيْفَ الصَّقيلا
التحليل القصيدة:
- البنية الشعرية:
- تتألف القصيدة من عدة مقاطع تركز على مشاعر الشوق والفراق. استخدام الصور البلاغية والتشبيهات يجعل النصّ أكثر عمقًا.
- الأسلوب:
- يعتمد عنترة في أسلوبه على التعبير المباشر عن المشاعر، مما يعكس عاطفته الصادقة.
- الرمزية:
- ريح الصبا: تمثل الذكريات والأحزان، وتعمل كجسر بين الماضي والحاضر.
- الطير: رمز للحزن، حيث يشبه نفسه به، مما يعكس حالته النفسية.
- الأثر النفسي:
- تعكس الأبيات الصراع الداخلي للشاعر بين الشوق والذكريات، مما يعطي القارئ إحساسًا بالمعاناة التي يعيشها.
- الألفاظ:
- استخدام الألفاظ الشعرية الجاهلية يضيف لمسة من الأصالة، ويعكس ثقافة العصر الذي عاش فيه.
الخلاصة:
تعتبر هذه القصيدة من أهم أعمال عنترة، حيث تمزج بين العواطف الجياشة والصور الشعرية الجميلة، وتعبر عن تجربة إنسانية عميقة من الشوق والفراق، مما يجعلها قطعة فنية تعكس مشاعر الإنسان بشكل رائع.