العصر الجاهليالنابغة الذُّبيانيِشعر

قالت بنو عامر خالوا بني أسد – النابغة الذبياني

قالَت بَنو عامِرٍ خالوا بَني أَسَدٍ يا بُؤسَ لِلجَهلِ ضَرّاراً لِأَقوامِ

تعريف الشاعر:

النابغة الذبياني هو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني، من قبيلة غطفان. يُعدُّ من أشهر شعراء الجاهلية وأحد أعلام المعلقات. لقب بالنابغة لتميزه في الشعر وقدرته على تأليفه بشكل مفاجئ ودقيق. كان له مكانة رفيعة في بلاط النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، وكان معروفًا بحكمته وبلاغته.

قصة القصيدة:

تروي قصيدة “قالت بنو عامر خالوا بني أسد” حوارًا بين بني عامر وبني أسد، حيث يتعرض فيها النابغة لذكر الصراعات القبلية والتوترات بين القبائل العربية في الجاهلية. القصيدة تبدو كرسالة تحذير من بني عامر إلى بني أسد بضرورة التصالح ووقف الحرب بينهم، حيث تشير إلى القوة والبطش الذي يمكن أن يقع في حال استمر النزاع. النابغة يستخدم في القصيدة صورًا قوية ومشاهد من الحروب والمعارك لتصوير قوة بني عامر وشجاعتهم.

كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً - مضمون دوت كوم
كورسات الذكاء الاصطناعي والربح من الانترنت مجاناً – مضمون دوت كوم

الموضوع العام:

القصيدة تتناول موضوع الصراعات القبلية والحروب التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. النابغة يحذر من العواقب الوخيمة لهذه الحروب ويدعو إلى التصالح والسلم. كما يعرض تفوق بني عامر في الحروب وشجاعتهم في مواجهة الأعداء، مع تأكيده على ضرورة عدم الاستهانة بقوتهم.

 

قالَت بَنو عامِرٍ خالوا بَني أَسَدٍ
يا بُؤسَ لِلجَهلِ ضَرّاراً لِأَقوامِ
يَأبى البَلاءُ فَلا نَبغي بِهِم بَدَلاً
وَلا نُريدُ خَلاءً بَعدَ إِحكامِ
فَصالِحونا جَميعاً إِن بَدا لَكُمُ
وَلا تَقولوا لَنا أَمثالَها عامِ
إِنّي لَأَخشى عَلَيكُم أَن يَكونَ لَكُم
مِن أَجلِ بَغضائِهِم يَومٌ كَأَيّامِ
تَبدو كَواكِبُهُ وَالشَمسُ طالِعَةٌ
لا النورُ نورٌ وَلا الإِظلامُ إِظلامُ
أَو تَزجُروا مُكفَهِرّاً لا كِفاءَ لَهُ
كَاللَيلِ يَخلِطُ أَصراماً بِأَصرامِ
مُستَحقِبي حَلَقِ الماذِيِّ يَقدُمُهُم
شُمُّ العَرانينِ ضَرّابونَ لِلهامِ
لَهُم لِواءٌ بِكَفَّي ماجِدٍ بَطَلٍ
لا يَقطَعُ الخَرقَ إِلّا طَرفُهُ سامِ
يَهدي كَتائِبَ خُضراً لَيسَ يَعصِمُها
إِلّا اِبتِدارٌ إِلى مَوتٍ بِإِلجامِ
كَم غادَرَت خَيلُنا مِنكُم بِمُعتَرَكٍ
لِلخامِعاتِ أَكُفّاً بَعدَ أَقدامِ
يا رُبَّ ذاتِ خَليلٍ قَد فُجِعنَ بِهِ
وَموتَمينَ وَكانوا غَيرَ أَيتامِ
وَالخَيلُ تَعلَمُ أَنّا في تَجاوُلِها
عِندَ الطِعانِ أُلو بُؤسى وَإِنعامِ
وَلَّوا وَكَبشُهُمُ يَكبو لِجَبهَتِهِ
عِندَ الكُماةِ صَريعاً جَوفُهُ دامِ

 

تحليل القصيدة:

القصيدة “قالَت بَنو عامِرٍ خالوا بَني أَسَدٍ” للنابغة الذبياني تعد مثالًا رائعًا على الشعر الجاهلي الذي يجمع بين الحكمة والفخر والتهديد. في هذا التحليل، سنتناول بعض الجوانب البارزة في القصيدة:

  1. الموضوع الرئيسي:
    • القصيدة تعالج موضوع الصراعات القبلية التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. النابغة يعبر عن استيائه من هذه الصراعات ويدعو إلى التصالح والتفاهم بين القبائل، مشيرًا إلى أن الجهل والعناد يؤديان إلى الدمار والخراب.
  2. النبرة والأسلوب:
    • نبرة القصيدة تجمع بين التحذير والتهديد والفخر. النابغة يبدأ بتحذير بني أسد من مغبة الاستمرار في العداء مع بني عامر، ثم ينتقل إلى الفخر بقوة وشجاعة قبيلته. يستخدم النابغة أسلوبًا شعريًا يجمع بين التصوير القوي واللغة الجزلة ليعبر عن أفكاره ومواقفه.
  3. الصور الشعرية:
    • النابغة يستخدم مجموعة من الصور الشعرية القوية التي تعزز من رسالته. على سبيل المثال، في البيت الذي يقول فيه:
      • “تَبدو كَواكِبُهُ وَالشَمسُ طالِعَةٌ ** لا النورُ نورٌ وَلا الإِظلامُ إِظلامُ”
      • هنا يصور كيف أن الحرب تجعل الأمور تبدو غير طبيعية، حيث تختلط الأمور ولا يعود للضوء معنى كما لا يعود للظلام ظلامه. هذه الصورة تعكس الفوضى التي تسببها الحروب.
  4. التناقض والتوازن:
    • النابغة يستخدم التناقض بشكل بارز ليوضح الفوضى التي تحدثها الحروب، كما في البيت السابق. كما يشير إلى التوازن بين القوة والشجاعة وبين الحكمة والدعوة إلى التصالح، مما يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الحياة القبلية.
  5. الرسالة العامة:
    • الرسالة التي يحملها النابغة في هذه القصيدة تتجاوز مجرد الفخر بالقوة، فهي دعوة للتأمل في عواقب الصراعات القبلية والدعوة إلى السلم والتفاهم. النابغة يبدو أنه يسعى لتحذير الطرفين من مغبة استمرار العداء، وفي الوقت نفسه يعزز من هيبة بني عامر.
  6. الخاتمة:
    • النابغة يختم القصيدة بتأكيد على أن النصر والقوة لا يأتيان بالصدفة، بل من خلال القوة والشجاعة. كما يبرز دور القادة الأبطال الذين يقودون القبائل إلى النصر.

الخلاصة:

القصيدة تحمل مزيجًا من الفخر والتحذير والدعوة إلى السلم. النابغة الذبياني يستخدم أسلوبًا قويًا ولغة جزلية ليعبر عن موقفه من الصراعات القبلية، معززًا بفخره بقوة بني عامر وقدرتهم على تحقيق النصر. القصيدة تعكس جزءًا من ثقافة العصر الجاهلي، حيث كانت القوة والشجاعة من أهم القيم، لكنها في الوقت نفسه تحمل دعوة ضمنية للتفاهم والتصالح لتجنب الدمار والخراب.

Aya Elkady

اهلاً بيكم وسعيدة لتشريفكم صفحتي على موقع مضمون دوت كوم، أية القاضي، كاتبة وصحفية، أكتب محتوى تعليمي وإخباري، مراعية احتياجات مختلف القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل ِAdBlock Please disable AdBlock to get download links