قصيدة حي الحمولَ بجانب العزلِ – امرؤ القيس

هذه القصيدة من قصائد امرؤ القيس، أحد أعلام الشعر الجاهلي. تُعَدُّ هذه القصيدة من القصائد التي تعبر عن الحزن والأسى والغضب بسبب الفراق والحب المفقود. إليك قصة هذه القصيدة وتحليلها الكامل:

قصة القصيدة:

امرؤ القيس كان أميرًا من كندة، وهو شاعر من أعظم شعراء الجاهلية. اشتهر بشعره الغزلي ورثاء النساء، وقد عانى كثيرًا من المشاكل والصعوبات في حياته، منها فقدان والده وسعيه للثأر له. هذه القصيدة تعبر عن مشاعر امرؤ القيس تجاه حبيبته التي هجرته وخيبت آماله. تتحدث عن الفراق والخيبة والغضب، ويصف الشاعر حاله وحالة دياره بعد الفراق.

 نص قصيدة “حي الحمولَ بجانب العزلِ” كاملًا

حي الحمولَ بجانب العزلِ
إذ لا يلائمُ شكلها شكلي
ماذا يشكّ عليك من ظغن
إلا صباكَ وقلة ُ العقلِ
مَنّيْتِنا بِغَدٍ، وَبَعْدَ غَدٍ،
حتى بخلت كأسوإ البخل
يا رُبَّ غانِيَة ٍ صَرَمْتُ حِبالَها
ومشيتُ متئداً على رسلي
لا أستقيدُ لمن دعا لصباً
قَسْراً، وَلا أُصْطادُ بِالخَتْلِ
وتنوفة ٍ حرداءَ مهلكة ٍ
جاورتها بنجائبٍ فتلِ
فَيَبِتْنَ يَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها،
وَأبِيتُ مُرْتَفِقاً عَلى رَحْلِ
مُتَوَسِّداً عَضْباً، مَضَارِبُهُ،
في متنهِ كمدبة ِ النمل
يُدْعى صَقِيلاً، وَهْوَ لَيْسَ لَهُ
عهدٌ بتمويه ولا صقل
عفتِ الديارُ فما بها أهلي
وَلَوتْ شَمُوسُ بَشاشَة َ البَذْلِ
نَظَرَتْ إلَيْكَ بَعَيْنِ جازِئَة ٍ،
حَوْرَاءَ، حانِيَة ٍ على طِفْلِ
فلها مقلدُها ومقتلها
ولها عليهِ سرواة ُ الفضل
أقْبَلْتُ مُقْتَصِداً، وَرَاجَعَني
حلمي وسدد للتقى فعلي
وَالله أنْجَحُ ما طَلَبْتُ بِهِ،
والبرّ خير حقيبة ِ الرحل
وَمِنَ الطّرِيقَة ِ جائِرٌ، وَهُدًى
قصدُ السبيل ومنه ذو دخل
إني لأصرمُ من يصارمني
وأجد وصلَ من ابتغى وصلي
وَأخِي إخاءٍ، ذِي مُحافَظَة ٍ،
سهل الخليقة ِ ماجدِ الأصل
حلوٍ إذا ما جئتُ قال ألا
في الرحبِ أنتَ ومنزل السهل
نازعتهُ كأس الصبوحِ ولم
أجهل مجدة َ عذرة الرجلِ
إني بحبلك واصلٌ حبلي
وَبِرِيش نَبْلِكَ رَائِشٌ نَبْلي
ما لَمْ أجِدْكَ على هُدَى أثَرٍ،
يَقْرُو مَقَصَّكَ قائِفٌ، قَبْلي
وَشَمائِلي ما قَدْ عَلِمْتَ، وَما
نَبَحَتْ كِلابُكَ طارِقاً مِثْلي

التحليل العام للقصيدة:

قصيدة امرؤ القيس هذه تعد نموذجًا مثاليًا للشعر الجاهلي، حيث تتميز بالغنى الشعوري واللغوي، وتعبر عن مجموعة من المشاعر الإنسانية العميقة والمعقدة. القصيدة تتناول موضوعات الحب، الفراق، الخيبة، القوة، والفخر.

1- الموضوع الأساسي: الفراق والخيبة

القصيدة تبدأ بحديث الشاعر عن فراقه لمحبوبته، معبرًا عن عدم التوافق بينه وبينها. يشعر الشاعر بالحزن والأسى بسبب وعودها الكاذبة، إذ وعدته بالمستقبل ثم خذلته. هذا الشعور بالخيبة يتكرر في الأبيات، مما يعكس تجربة شخصية مؤلمة عاشها الشاعر.

2- القوة والكبرياء

على الرغم من مشاعر الحزن، فإن الشاعر يعبر عن قوته وكبريائه. يشير إلى أنه قد تخلى عن العديد من النساء من قبل، وأنه لا يستجيب لمن يحاول خداعه. هذا يعكس شخصية قوية ومستقلة، لا تذعن بسهولة للفراق أو الخيانة.

3- الوحدة والضياع

القصيدة تحتوي على وصف للوحدة والضياع، حيث يتحدث الشاعر عن صحراء مهلكة تجاورها، ويعكس هذا الشعور بالضياع والوحدة التي يشعر بها بعد فراق محبوبته. يعبر الشاعر عن الليالي الطويلة التي يقضيها وحيدًا، مما يزيد من حدة الشعور بالوحدة.

4- الالتزام بالصراحة والوضوح

الشاعر يصف سلاحه القوي والنظيف، مشيرًا إلى التزامه بالصراحة والوضوح في تعاملاته. هذا يعكس شخصية صادقة ترفض التزييف والخداع، وتتمسك بالقيم والمبادئ.

5- العودة إلى الصواب والحكمة

الشاعر يعبر عن عودته إلى الصواب والحكمة بعد فترة من الفوضى والضياع. يشير إلى أن السعي لتحقيق الأهداف بطريقة أخلاقية هو الأفضل، مما يعكس تجربة تعلم ونضج مر بها الشاعر.

6- العلاقات الإنسانية

القصيدة تنتهي بحديث الشاعر عن علاقته بأخيه، معبرًا عن الفخر والانتماء. يصف أخيه بالمحافظة والأصل النبيل، ويشير إلى الترحيب الدائم الذي يجده عنده. هذا يعكس أهمية العلاقات الإنسانية والروابط الأسرية في حياة الشاعر.